النصر للشجعان

اخبار البلد - فتحي البس


نقلت وكالات الأنباء خبرا يقول إن نتنياهو تراجع عن إقامة احتفال بالنصر كان يعتزم إقامته. في الوقت نفسه كانت الوكالات ومحطات التلفزة الفلسطينية والعربية والدولية تنقل صورا حيّة لميادين المواجهة المنتشرة في كل بقاع فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر ومشاهد مظاهرات دعم وإسناد من عواصم عربية وأجنبية. وفي مشاهد أخرى عمارات وبيوت وشوارع مدمرة، وصور جنازات تشييع لعائلات بأكملها في غزة وأخرى لشهداء سقطوا في نقاط المواجهة في الضفة الغربية.

عن أي نصر يمكن أن يتحدث نتنياهو ومحطات تلفزته تنقل صور إصابات مباشرة لصواريخ تتساقط على نقاط لمدنه وجيشه منتشرة على مساحة الأرض المحتلة، بالتأكيد قوتها النارية لا توازي قاذفات العدو وصواريخه، لكن الجبان يرتعد من الخوف من الصوت، بينما الشجاع وهي سمة أبناء شعبنا، يقاوم بيد ويدفن أحباء بيد، وحيث استطاع يضغط على الزناد أو يقبض على حجر قد يصل إلى مداه أو لا يصل.

عن أي نصر كان ينوي نتنياهو الحديث؟، نصر جنود مدججين بالسلاح وطائرات تقصف وتدمر وتقتل أطفالاً ونساء وشباباً بين أيديهم حجارة يتلقون بصدورهم الرصاص الحي والمطاطي وبحواسهم الأخرى قنابل الغاز وروائح المياه العادمة، يُرْعبون عدوهم بصرخة أو رمية زجاجة فارغة أو يشعلون إطارا ويتقدمون بهامات مرفوعة إلى نقاط التماس.

لا أعرف إن كان مراقبون مختصون من قادة جيوش العالم يراقبون المشهد، أتخيل أن أي قائد أو عسكري منهم لن يصدق أن هذا جيش دولة، سيخطر في باله أنه جيش عصابات مرعوب، ويتساءل عن جبروت وقوة من يواجهونه دون خوف من كل أدوات القتل التي يملكها.

الصور التي وردت من ميادين المواجهة، من غزة وداخل الخط الأخضر والضفة الغربية تثير دهشة من يراقب من على بعد، وتطلق في نفسه أسئلة بسيطة مدوية: من المنتصر في هذه المواجهات؟، من يسيطر على ميادين المعارك في هذه الحرب؟

لن تكون الأجوبة غير أنهم الأسود الشجعان، الذين تلقوا حمم النار تتساقط عليهم برا وجوا وبحرا، الشهداء والجرحى وذووهم، والجيل الذي يتعمد بنار المواجهة، فيسترجع تاريخا مجيدا لصمود شعب لم تهزمه مجازر صبرا وشاتيلا وتل الزعتر كأمثلة على ما تعرض له شعبنا ، ولا ما قدمه من ضحايا في الانتفاضة الأولى والثانية في فلسطين، فيزيد عزمه على تحقيق الانتصار إن عاجلا أو آجلا.

لن يحتفل نتنياهو بنصرٍ يعتقد أنه يحققه في ميادين المواجهة في فلسطين تماما كما لم يحتفل شارون بعد معركة الشقيف في جنوب لبنان رغم استشهاد كل المدافعين عنها، واضطر قادته أن يؤدوا التحية لهؤلاء الأبطال، كما لم يحتفل أي من قادته بانتصار اعتقدوا انهم أنجزوه على أبواب السويس في مصر الأبية.

لا نصر للجبناء مهما قتلوا ودمروا، والنصر فقط للشجعان الذين يصنعون تاريخ الصمود ويخوضون معارك تفخر بها الشعوب.