الاحتلال والتنمية والمقاومة
اخبار البلد ـ أقف عاجزا هذه الأيام عن كتابة مقال ذي طابع اقتصادي اعتدت على كتابته بشكل منتظم منذ عدة سنوات، في وقت تشهد فيه المنطقة مرحلة جديدة، بعد التحول النوعي في مسار النضال الفلسطيني ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
لا يخفى على أحد أن أهم معضلات التنمية في دول المنطقة، ومن بينها الأردن، هي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واستمراره لأكثر من سبعة عقود، الى جانب حروبه المتتالية كل بضع سنوات، والتي كانت لها تأثيرات تدميرية واقتصادية مباشرة على مستوى البنى التحتية للمناطق المحتلة ودول الجوار وعلى أولويات الانفاق فيها، الى جانب التأثيرات غير المباشرة في زيادة حدة التوتر واضعاف الثقة في مسارات التنمية والاقتصاد في المنطقة ككل.
الحرب التدميرية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي حاليا على غزة، الى جانب الانتهاكات العنصرية التي تمارسها على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي احتلت العام 1948، ستكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على مختلف الحقوق الإنسانية وعلى رأسها الحق في الحياة الى جانب الحقوق السياسية والاقتصادية الأساسية للشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني يطور أدوات نضاله ضد الاحتلال منذ إعلان دولة المحتل وفقا للمعطيات المتوفرة، ولأول مرة تنتفض مختلف مكونات هذا الشعب في الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطينيي المناطق التي احتلت في العام 1948 معلنا استمرار نضاله من أجل تحقيق أهدافه المشروعة في تقرير مصيره والاستقلال الكامل أسوة بباقي شعوب العالم.
من حيث المبدأ، طالما الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين قائما، وطالما تقوم دولة الاحتلال بعرقلة جهود الشعب الفلسطيني للتمتع بحقوقه الأساسية المختلفة، من الصعب الحديث عن احراز تقدم ملموس بمسارات التنمية المختلفة للفلسطينيين وشعوب المنطقة.
عجلة الاقتصاد وتوسعه وتطوره بشكل مستدام لا يمكن له أن يسير بشكل طبيعي في ظل غياب الاستقرار، والاستقرار لا يتحقق بوجود الاحتلال والعدوان والتمييز العنصري، وهذا لا ينعكس فقط على الفلسطينيين في مختلف المناطق الفلسطينية، بل في مختلف دول المنطقة.
سيبقى الشعب الفلسطيني يدفع ثمنا باهظا من مختلف حقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية جراء استمرار الاحتلال والاعتداءات والانتهاكات المتواصلة التي يتعرض لها من قبل سلطات الاحتلال.
الى جانب ذلك، ستبقى دول المنطقة وشعوبها ومنها الأردن تدفع ثمن استمرار الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاتها المتواصلة، وبالتالي فإن أحد أهم مفاتيح التنمية في المنطقة يتمثل في انهاء الاحتلال الإسرائيلي.
هذا يتطلب من شعوب المنطقة وحكوماتها إعطاء أولوية قصوى لدعم نضال الشعب الفلسطيني لتعزيز صموده وتسريع تحرره، فإلى جانب التضامن الإنساني والقومي والمشاعر المشتركة، هنالك مصالح مشتركة تتطلب ذلك.
ويتطلب ذلك أيضا، أن يقوم المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى بوقف انحيازها لدولة الاحتلال، وتغيير منظورها غير العادل الذي يتعامل مع الجاني والضحية بذات المنظور، وعليها العمل على دعم حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، وهذا الى جانب ملاءمته مع المنطق الحقوقي، فإنه يعزز مسارات التنمية والاقتصاد التي يصدعون رؤوسنا في
الحديث عنه.