تخلف وفيس بوك!

أكاد أجزم بأن معظم مشكلاتنا الاجتماعية سببها اقتحامنا عالم التكنولوجيا، فنحن مجتمع انتقل إلى عالم الموبايلات والانترنت، عالم الرسائل النصية والفيس بوك قفزنا قفزا رياديا في اقتحام هذا العالم وبسرعة البرق وبتعطش شديد إلى وسائل اتصال حديثة وسريعة وليتنا لم نفعل،ما أجملها تلك الرسائل التي كانت تبيت في صناديق البريد مخطوطة بخط اليد وما أجمله من زمن ذاك الذي كان الناس فيه يعرفون أخبار بعضهم عن طريق مرسال يمشي على قدميه، حتى رسائل الحب كانت تأخذ من وقت المحبين وحرصهم الكثير، كان هنالك عاشق واحد ومحبوبة واحدة أما وقد أصبح العالم مفتوحا على تخلف من نوع آخر فقد اصبحت العلاقات عشوائية ومنسجمة تماما مع زمن الوجبة السريعة.
ليس الخطأ في التكنولوجيا بالتأكيد لكنه متغلغل فينا في وقت غابت عنه القيم الاجتماعية الأصيلة،»عندك أكاونت عالفيس؟» عبارة نسمعها ونسألها لمن نلقاهم لأول مرة إما لنضيفهم كأصدقاء أو لننهي الحديث، أما طلبات الصداقة العشوائية فلا حصر لها، هي تريد وهو يريد، هو يبحث وهي تبحث،كلاهما يبحثان عن متنفس، وكلاهما لديهما ما يبوحان به أو ما قد يفتعلانه من أزمات للحظة كي يكسب أحدهما تعاطف الآخر، حدثتني إحداهن وقالت فتحت»أكاونت زوجي» وتحادثت مع صديقته بافتراضه هو ثم طلبت منها أن تفتح الكاميرا وإذا بها تفاجأ بي، فقلت لها أنا زوجته، وصعقت لسببين الاول هو أنه كان قد أخبرها بأنه مطلق والثاني لأنه أخبرها بأن زوجته المطلقة «بشعة» وتفاجأت بشكلي ومستوى جمالي، هذا يحدث كثيرا، لماذا يحدث لسنا ندري أو قد ندري لكن لنداري على بعض ما نعرفه.
وتبقى عملية محاولة الاقتحام لمشتركي الفيس بوك والملفت للانتباه فيها هو أن الأشقاء الذكور لا يقبلون بفتح هذا الحساب لشقيقاتهم فتضطر الكثير من الفتيات لفتح حساب باسم وهمي، لماذا؟ لا لشيء إلا لأنهم اختبروا عينات ونماذج من الإناث اللواتي يستخدمن الفيس بوك بحثا عن محب،يبحث أول ما يبحث الشاب عن أسماء الإناث اللواتي يفرض نفسه وصيا عليهن وإن وجد إحداهن يبدأ بتأنيبها أو قد يطلب منها طلب صداقة باسم وهمي ليمتحن مستوى أخلاقها لأن الأخلاق منهجه!!!وهو قد يكون صديقا غير خلوق مع عشرات الفتيات، يحق له ما لا يحق لغيره ويرضى لبنات «الناس» ما لا يرضاه لشقيقته فأي انفصام هذا؟
نيابة عن كل من ضجروا من وسائل الاتصال أتمنى أن يعود بنا الزمن إلى شعلة النار وسيلة للاتصال وإلى المشاة من مراسيل الهوى لأننا نتلف وقتا إضافيا في محاولة اقتحام خصوصيات بعضنا البعض دونما وجه مبرر سوى انعدام الثقة بالنفس وبفعل تجارب قد تمارس مع البعض ويدفع ثمنها أناس لا دخل لهم ويستخدمون هذه الوسيلة دونما خروج عن القيم الذاتية والمجتمعية .

maisa_rose@yahoo.com