البيان الوزاري للحكومة الجديدة
بصوته الوقور ألقى رئيس الوزراء عون الخصاونة بيان الحكومة أمام مجلس النواب طالباً الثقة على أساسه. بلغة المحاكم فإن البيان مقبول من حيث الشكل لأنه مقدم ضمن المهلة الدستورية فماذا عن المضمون.
إذا كان النواب يعطون ثقتهم أو يحجبونها بناء على بيان الحكومة فمن المفروض أن تنال الحكومة الثقة بالإجماع ، وإلا فإننا نستطيع أن نتهم من يحجب الثقة بأنه يريد تعطيل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جاء ذكرها في البيان.
بهذا المعنى فإن جميع الحكومات المتعاقبة كان يجب أن تحصل على ثقة المجلس النيابي بالإجماع إذا كان قرار النائب يعتمد على مضمون البيان الوزاري ، لكن هذا ليس صحيحاً بالمطلق ، وليس معمولاً به ،فجميع البيانات الوزارية ممتازة ، وإعطاء الثقة أو حجبها يعتمد على أمور أخرى أهمها ما إذا كان النائب يثق بكفاءة الرئيس والتشكيلة التي اختارها وقدرتهم على تنفيذ الإصلاحات وتحقيق الطموحات التي جاء بها البيان الوزاري.
من هنا فإن التصويت على الثقة بالرئيس المكلف يجب أن يحدث عند تكليفه ، اعتماداً على سجله وإنجازاته وتاريخه ومواقفه وسياساته ، فهو ليس ابن اليوم ، ولم يأتِ ليبدأ من الصفر ، ولم نتعرف عليه من البيان الوزاري الذي أعده خبراؤه.
بالعودة إلى مضمون البيان الوزاري نجد أنه لم يكدُيهمل شيئاً ، فقد غطى الإصلاحات السياسية ، وأشار إلى التحديات الاقتصادية والمالية ، والعلاقات العربية والدولية ، ولم يقصر في مجال مكافحة البطالة والفقر وإدانة الفساد ومحاولة اجتثاثه من جذوره ضمن القانون والعدل.
لا يستحق البيان الوزاري علامات عالية بسبب المضامين العادية التي تتكرر في كل بيان وزاري حتى أصبحت من الثوابت ، ولكنه يستحق علامة عالية لأنه التزم في أكثر من موقع بجدول زمني للتنفيذ ، فلم تكن كل عبارته تبدأ بسين وسوف بشكل مفتوح يدخل في باب التسويف ، فالمستقبل طويل ، ووقت الحكومة قصير ، ولكنه حدد مواعيد للتنفيذ ، ليس بالسنوات القادمة ، وليس بأحد فصول السنة الأربعة ، بل بأحد أشهر السنة ، مما يوحي بالجدية في الالتزام ويجعل المحاسبة سهلة وواردة ، ويفرض على أصحاب المطالب أن يصبروا قليلاً ويعطوا الحكومة فرصة الوفاء بوعودها.