الحوار الوطني المطلوب لإنجاز الإصلاح

أخبار البلد-

 
في عام 1989 واجه الأردن هزّة اقتصادية صعبة كان يمكن أن تؤثّر في استقرار الدولة سياسياً واجتماعياً وأمنياً، وأن لا تقتصر تداعياتها ومفاعيلها على الشق الاقتصادي. وقد أدركت القيادة السياسية حينها دقّة اللحظة وحساسيتها، وتعاملت مع متطلباتها واستحقاقاتها بشجاعة، وتقدمت بجرأة خطوات مهمة نحو الأمام في مسار إصلاحي حقّق بعض الخطوات على طريق البناء الديمقراطي وتعزيز الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان.

وثمة إدراك يتشكّل لدى الجميع في اللحظة الراهنة بأن الإصلاح الجوهري وتجديد حيوية الدولة في مئويتها الثانية بات ضرورة ملحّة ومتطلّباً مهماً لا يحتمل المماطلة أو التأجيل.

لقد حققت الدولة الأردنية في مئويتها الأولى إنجازات مهمة على صعد متعددة، تستحق أن يُفاخر بها الأردنيون ولا يجوز إغماض العين عنها أو إنكارها، لكن ذلك لا يتعارض مع الحاجة لإصلاح عميق يساعد على التطوير والتحديث، ويعالج اختلالات ويستدرك قصورات باتت واضحة للجميع.

وخلال الأيام الفائتة نقلت أكثر من وسيلة إخبارية محلية، عن مصادر لم تحددها، معلومات تشير إلى وجود نيّة لدى الجانب الرسمي لإطلاق حوارات وطنية لم تتضح حقيقتها ولم تتحدد ملامحها وموضوعاتها ومدياتها بعد. كما صدرت مؤشرات إيجابية في التعاطي مع بعض الملفات قد تعبّر عن رغبة بتفكيك بعض الأزمات، كما هو الحال في ملف حزب الشراكة والإنقاذ. وفي حال اتخذت خطوة مماثلة في ملف نقابة المعلمين، فلا شك أنها ستعطي مؤشراً مهمّاً في ذات الاتجاه.
المأمول أن تكون المعلومات التي يجري تداولها بخوص الحوار صحيحة، والنيّة صادقة، وأن تشهد الأسابيع والأشهر القادمة حواراً وطنياً من أبرز ملامحه أنه:
حوار جادّ ينطلق من الرغبة بتحقيق نقلة نوعية، تدلف الدولة الأردنية من خلالها نحو المستقبل بثقة وأمان.
حوار هادف يسعى لإنجاز دولة ديمقراطية حديثة قوية وراسخة، تصان فيها الحريات العامة وحقوق الانسان، وتحترم الإرادة الشعبية وحق المواطنين في الاختيار، ويحارب الفساد والمحسوبية، وتترسخ قيم العدالة والمواطنة ودولة المؤسسات، ويطبق القانون على الجميع دون تمييز أو محاباة.

حوار وطني يشارك فيه الجميع ولا يستثني أحداً، على أي خلفية كانت.
حوار شامل يتناول كل الملفات، ويعطي الأولوية للملفين السياسي والإداري.

حوار استراتيجي، لا تكتيكياً، مسقوفٌ زمنياً ويُفضي إلى تحقيق النتائج المستهدفة في مدى زمني معقول، بعيداً عن التسويف وترحيل الأزمات واللعب على عامل الوقت.

حوار مسؤول من كل الأطراف، يدرك الممكن والمتاح ، ويتعاطى بواقعية وتوازن مع ملفات الحوار، بعيداً عن التشدد والتشنّج والمزايدات وطرح مطالبات غير القابلة للتنفيذ.


حوار غير مشروط من أي طرف كان، وبعيدا عن الخطوط الحمر والاشتراطات المسبقة.
إذا كانت المئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية مئوية التأسيس والبناء والاستقرار، ينبغي أن تكون الثانية مئوية التقدّم والانطلاق بثقة نحو مستقبل آمن وواعد .. وهي مسؤوليتنا جميعاً.