فواتير المياه الشهرية .. أصبت أنا وأخطأ الوزير

 

 

بتاريخ 20/6/2010، كنت قد كتبت مقالاً رداً على تصريحات وزير المياه وقتها والذي أخذ قراراً بأن تكون الفاتورة شهرية ذلك كما ادعى وقتها بأنه سوف يحمي الشرائح الأقل استهلاكاً، مع إنه اعترف في نفس المؤتمر الصحفي بأن هنالك أرباح سوف تحقق فحيث قال ( صحيح إننا سنحقق أرباح إضافية تقدر بثمانية ملايين دينار، إلا إننا نحمي المواطن ) .

هذا الإجراء (تحويل الفاتورة إلى شهرية ) الذي لم يجد من يعترض ، أو لم أسمع أحداً أنه اعترض عليه وقتها غيري أنا ، كان اعتراض صائب بدليل أن الناس الآن فقط بدأت ترى صحة كلامي أن الفاتورة سوف تتضاعف، فالمواطن الذي كان يدفع 30 دينار كل 3 شهور أصبح يدفعها بالشهر الواحد وهذا ما حصل معي شخصياً ، ولكن المصيبة إن من يجرأ ويتصل بشركة مياهنا ويخاطب موظفيها وخصوصاً الموظفات، فتجد صد مخيف ورد بعيد عن أدنى حدود اللباقة والمهنية، وأستغرب كيف تسمح الوزارة أو شركة مياه الأردن بأن يكون هنالك موظفات بهذا المستوى ليتحدثوا باسمها مع المواطنين.

أما من كتبته في وقتها بتاريخ 20/6/2010 أكرره الآن لمن فاته ما كتبت واعترضت عليه في وقتها وهو التالي:

لقد طالعتنا الصحف عن المؤتمر الصحفي الذي عقده معالي الوزير المياه والري 19/6/2010 ، حول تحويل فواتير المياه إلى شهرية ، والذي وضح فيها أنه ( أي القرار ) حماية للشرائح الأقل استهلاكنا ، تلك التصريحات وما شابهها التي دائما تتلاعب بعواطف الطبقات المسحوقة بحجة حمايتهم وفي النهاية هم من يدفعون الثمن من قوتهم وقوت أولادهم ويذكرني هذا الإجراء بقبل عقدين من الزمن عندما بدأ العمل بفرض ضريبة المبيعات على أنها حماية للمواطن وأنها ستفرض على الكماليات وأذكر مقابلات تلفزيونية تم إجراءها لمعرفة ردود الناس على هذا الإجراء ؛ حيث قال أحد المواطنين ( أن من يريد أن يشتري ثرية بألف دينار خليه يدفع ضريبة مبيعات ) وهذا القول كان حال لسان غالبية الناس وذلك نتيجة لعدم فهمهم لما سوف يحصل بهم وأن 16% من دخلهم أصبح ضريبة مبيعات.

وكي لا أذهب بعيداً عن الموضوع، فإنني أريد أن أشير إلى بعض الأمور التي تحتاج إلى معالجات قبل أن نتحدث عن موضوع حماية الشرائح الأقل استهلاكاً.

حيث أن ما لم يتم ذكره هو عن كيفية الأسس التي تم على ضوءها تم احتساب معدل استهلاك الفرد هل أخذتم بعين الاعتبار أن الماء لا تأتي سوى مرة واحدة بالأسبوع ولساعات معدودة ، وبالتالي فهم مضطرون رغماً عن أنوفهم ترشيد المياه وليس هنا الترشيد يعني التخفيف من الهدر بل يكون على حساب أبسط الأمور فيعني هنا ترتيب مواعيد للاستحمام مرتين أو ثلاثة في الأسبوع وليس بالدش يا معالي الوزير بل بالدلو الوسيلة الأكثر ترشيداً ، وليس هذا فحسب بل ولا اعتقد أن غالبية النساء في الأردن ( من صاحبات الشرائح الأقل استهلاكاً ) تجرأ أن تبدأ بغسيل ثيابها أو تحمم أطفالها إلا بعد التأكد من أن الماء وصلت ، ففي الوقت الذي يخرج غيرنا في نهاية الأسبوع لشمة الهواء أو زيارة الأقارب نكون نحن ننتظر المياه حتى نقوم بواجباتنا في البيت من غسيل والاستحمام ، لا تستغرب يا معالي الوزير قولي هذا ولكني أؤكد لك أن هذا يحدث في وسط العاصمة عمان،  وكذلك إن قوة ضغط المياه غير كافية  للصعود إلى خزانات المياه على أسطح البيوت ، وأن المواطنين يوصلونها بواسطة المضخات ليدفع هنا المواطن تكلفتين واحدة للمياه وأخرى زيادة في الكهرباء.

 

كما أريد أن ألفت انتباهكم أنه غالبية الطبقة التي لا تملك برك سباحة وبالكاد يكفيها مخزونها الأسبوعي حسب جدول التوزيع فغالبية البيوت مكونة من عدة طوابق يكون البيت للأب وأبناءه موزعين "على بركة الله" وحسب المساحة ويشتركون جميعهم بعداد مياه واحد أي أن كمية الصرف سوف تحسب عليهم كفئة أصحاب برك السباحة ، أو الأكثر استهلاكاً مع أنهم الأكثر هماً ، وإذا سألنا عن السبب باشتراكهم بعداد ماء واحد، وذلك كون أن إضافة عداد أو ساعة ماء جديدة يحتاج إلى كم كبير من الإجراءات الأوراق كمخطط موقع وإذن أشغال ...الخ  وهل سألتم ماذا يحتاج إذن الأشغال من الوقت والإجراءات حتى يصدر.

كذلك على المواطن أيضاً أن يدفع بدل كل عداد جديد رسوم أدناه 245 ويزيد الرقم حسب المساحة بالمتر بالإضافة لرسوم التأمينات والصرف الصحي أي أن كل ساعة تحتاج لمسيرة هائلة من التعقيدات  والمصاريف والأعباء المالية لتضاف على ذلك المواطن المنهك الذي نتغنى بحمايته دائماً.

هل الدراسات التي قمتم بها توضح التناسب بين عدد السكان وعدد البيوت مع عدد ساعات المياه، أم أن الهم الأكبر كان البحث عن حالات الاعتداء على الشبكات وخطوط المياه.

إن قرار تحويل فواتير المياه إلى شهرية وما سيتبعها من زيادة على ثمن المياه لاحقاً ، يجب أن تواكبه سلسلة من الإجراءات التصحيحه ، حتى نضمن الحماية الحقيقية للمواطنين وحتى نضمن أننا نفرق بين  ( صاحب البركة من صاحب الدلو ) عندها فقط نقول أن هنالك عدالة اجتماعية وحماية لصغار المستهلكين، فطالما أن الهدف ليس مادي كما ذكرتم فلماذا لا يكون الهدف إذاً عمل سلسلة من الإجراءات والتسهيلات للمواطنين لترتيب أوضاعهم دون أن اضطرارهم لدفع مبالغ بالكاد استطاعوا توفيرها لعثرات الزمن أو للتدريس أو للعلاج أو للزواج وغيره.

د.خالد جبر الزبيدي   

24/11/2011      

Khaledjz@hotmail.com