على رأس دبوس!



اذا اخذنا مطالب ميدان التحرير منذ سقوط الرئيس مبارك, فإننا نجد أنها:
- تطالب بحل البرلمان, والغاء الدستور.
- تطالب بحل قوى الأمن, المركزي وأمن الدولة وكل الوحدات التابعة للداخلية.
- وتطالب بتعيين حكومة د. شرف الذي خرج من اعتصامات الميدان, ثم بتنحيته!!
- .. وأخيراً فإنها تطالب برفع مسؤولية المجلس الاعلى للقوات المسلحة, وعودته الى ثكناته, والغاء تكليف د. الجنزوري بتشكيل الوزارة.. أو وزارة الانقاذ الوطني.. الخ.. الخ!!
.. وحين نضع هذه المطالب في اطارها العملي, فإننا نصل الى ما وصله السفير الاميركي بريمر في العراق, حين حل الجيش, والأمن ووزارات الداخلية والخارجية, والقضاء, وحزب البعث. بحيث صار هو و»مجلس الحكم» كل شيء في البلد العربي المحتل!!
فهل معتصمو ميدان التحرير يريدون فكفكة الدولة المصرية؟! واذا تم لهم ذلك فمن هو بريمر المصري من جمهورهم؟! ومن هي قوة الاحتلال التي ستحكم البلد الذي كانت له اطارات الدولة قبل ستة آلاف عام.. زمن الملك مينا؟!
هذا اللامعقول الذي يحدث في قاهرة المعز أخطر من ثورة لم تكتمل. وأخطر من فقدان البوصلة الشعبية.. إن هذه الفوضى الفكرية والاخلاقية والسياسية التي تحاول جماعات ملثمة وضع البلد فيها, وتجعل من الفوضى نظاماً سياسياً وجيشاً, وأمناً, واقتصاداً, وتعليماً!!
الافضل لفهم الاشياء هو تفكيكها الى عناصرها الاولية. فقد تم اسقاط الرئيس مبارك ومجموعة الحكم التي لا يتجاوز عددها المائة. لكن النظام السياسي لم يسقط. وهذه حقيقة يعرفها متابعو الانتخابات التي ستجري غداً. فالقوتان الحقيقيتان في الميدان السياسي هما: جماعة الاخوان, وفلول الحزب الوطني. ولو اعيدت الحياة الى قناعات العراقيين وصارت انتخابات حقيقية بعد ثماني سنوات على الاحتلال, لفازت تجمعات حزب البعث بالاكثرية.. ولو بأسماء اخرى!!
- توفي عبدالناصر لكن نظامه لم يمت.
- واغتيل أنور السادات لكن نظامه لم يلحق به.
- وسقط حسني مبارك لكن حزبه وجماعات المنتفعين بنظامه بقي حتى الان.
لا يمكن لبلد في حجم مصر أن يعيش في الفراغ, أو تحكمه اعتصامات ومظاهرات ميدان التحرير, فالناس تأكل وتشرب وتسكن, وتذهب الى المدارس والجامعات والمصانع والمزارع, وتتوالد.. وتموت, وهذا التيار الدافق للحياة لا يمكن وضعه على رأس دبوس.. نسميه الثورة!!!