مشكلة في إدارة القرار

أخبار البلد - ما هكذا ترد الإبل يا سعد. إعلان الناطق الحكومي عن أخبار سارّة سوف يتلقاها الاردنيون قريبا تفرّج عنهم لم يكن الأسلوب الصحيح لمخاطبة الرأي العام كما لو ان الحكومة تحمل أكياس حلوى موعودة لأطفال اتعسهم الحرمان.
الأصل ان قرارات الحكومة في مواجهة الوباء محايدة سياسيا ولا تعني بحب الناس أو كرههم لها أو حتى توافقها أو تعارضها مع مصالح أفراد وجهات. فالمصلحة العامّة العليا في المعركة مع الوباء هي الأساس. وهذه تشخصها الجهات المخولة بالقرارات، والقرارات تقوم على حسابات علمية ومهنية دقيقة غير مسيسة تستند الى المعلومات المتوفرة والتقديرات والموازنة بين عدّة اعتبارات وهذه يقوم بها خبراء مختصون .
وقد تخطئ التقديرات لكن عذرها انها اجتهاد تم بحيادية وموضوعية. وأنها لكارثة ان يؤخذ القرار على أي خلفية أو حسابات أخرى مثل الشعبوية وهو ما أكد رئيس الوزراء مرارا أنه لن يكون في حسابات الحكومة. المهم أن الأخبار المفرحة انتهت الى حالة تشويش وارباك وعكست مشكلة في ادارة القرار وشبهات قوية حول خلفية سياسية لما تقرره الحكومة خارج الاطار المهني والعلمي لمواجهة الوباء. وقد ظهرت تسريبات عن الغاء حظر الجمعة وتقليص حظر المساء حتى اضطرت الحكومة لنفي القرار بينما يعود عالميا ارتفاع جديد للإصابات يقلل التفاؤل بخلاص قريب. ولن يكون سلوكا مسؤولا اطلاق اي وعود او توقعات بشأن سياسة الحظر والاغلاق.
من أول يوم وانا اكافح ضد نظرية المؤامرة التي شاعت عندنا وعند غيرنا حول حقيقة الفايروس والوباء. ولم تنهزم هذه النظرية الا عندما اشتعل الحريق بأطراف ثوبنا وبدأنا نرى وبكثرة أهل واقارب وأصدقاء ومعارف يموتون بالفيروس. ومن أول يوم دافعنا عن القرارات الحكومية وواكبنا حملة التوعية بحقيقة الوباء وضرورة الاجراءات مسلمين ومدافعين عن قرارات واجتهاد المختصين في لجنة الأوبئة ومركز الأزمات وبينهم علماء يشار لهم بالبنان.
لكن عندما يعاد تشكيل لجنة الأوبئة ويخرج منها دون مبرر مفهوم ابرز الدكاترة المختصين. وعندما نقرأ تصريحات عن واقع عمل لجنة الأوبئة وأنها مؤخرا قلما اجتمعت وقلما قررت وقلما تم الأخذ برأيها. وعندما يتناهى لعلمنا ان استبعاد البعض جرى بسبب اصرارهم على رأي مستقل وقناعات يتم التعبير عنها علنا بما في ذلك الرأي بقيمة وجدوى حظر الجمعة الذي وقفنا معه دائما ودافعنا عن جدواه باعتباره نتاج رأي علمي مدروس، عند هذا الحد نتوقف وتأخذنا الريبة بسلامة المسار ونجدنا مدفوعين للتساؤل عن ادارة القرار واذا ما كانت السلطة كالعادة تستخدم الأطر والواجهات المهنية والعلمية شكليا لكنها لا تتخلى ابدا عن استحواذها على القرار الذي ستحكمه والحالة هذه وبالضرورة حسابات شتى طالما اشار لها كثيرون في الفضاء الالكتروني وكنا نصنفهم ما بين سوداويين أو ساخطين أو خياليين أو مرضى دائمين بنظرية المؤامرة.
يجب ان نطمئن الى وجود ادارة مؤسسية شفافة جدا للقرار بشأن كورونا وهو يمس بالعمق حياة الناس ومعيشتهم. يجب ان نطمئن الى ان الحوار في الأطر المقررة يجري بحرية وشفافية دون إملاء وأن المخرجات تعلن وتحترم. لطالما كانت ادارة القرار من اسرار السلطة وخفاياها. لكن في ما يخص الوباء نرجوكم أن تسمحوا لنا بعمل استثناء.