مالك نصراوين يكتب : نقابة "المتاجرين" ... بعمال المناجم والتعدين


ويستمر مسلسل المتاجرة بعمال البوتاس ، من قبل نقابة المناجم والتعدين ، بعد ان انتفض عمال الفوسفات ، انتفاضتهم المجيدة قبل اشهر ، وعزلوا هذه الفئة ، التي استغلتهم سنوات طويلة ، دون ان تحقق لهم شيئا ، بل حققت مصالح اعضائها الشخصية ، على حساب الحقوق المنقوصة لعمال الفوسفات والبوتاس .

ومما يؤسف له حقا ، ان هذه النقابة ، التي تحولت من نقابة العاملين بالمناجم والتعدين ، كما يدل على ذلك اسمها ، الى نقابة العاملين في البوتاس فقط ، بعد ان ساهم عمال البوتاس ، واغلبيتهم من ابناء الكرك الشماء ، التي ما ارتضت الضيم في تاريخها يوما ، فاستحقت لقب " كرك المجد والتاريخ" ، ساهم ابناء الكرك في البوتاس ، بانتخاب نقابة خذلت منتسبيها لسنوات طويلة ، مما حدى بعمال الفوسفات الاشاوس ، هولاء الرجال الرجال ، الذين لم يرضوا بالضيم لزملائهم واخوتهم بالوطن ، ان ينتفضوا بوجه نقابة خذلتهم مرات عديدة ، فعزلوها مرة واحدة ، لتنهال عليهم مكاسب ، ما كان يمكن لهم ان يحققوها من خلال النقابة ، لانها لا تمتلك الارادة لتحقيق ذلك ، ولم تكن يوما جادة في تحقيق مصالحهم ، بل تريد المزيد من المنافع الشخصية على حسابهم ، ، ونحن في البوتاس ، كان علينا ان ندرك ذلك ، منذ ذاك اليوم التي تنطحت فيه النقابة في بداية تأسيسها ، لتحقيق مطلب مكافأة نهاية الخدمة ، فساهمت بحرماننا من هذا الحق ، وهاهم اليوم ، يبتعدون اكثر عن حقوقنا ومظالمنا ، بيانات تتلوها بيانات ، واجتماعات تتلوها اجتماعات ، ووجبات في اشهر مطاعم عمان تتلوها وجبات ، وسفرات للخارج تتلوها سفرات ، كل ذلك على حساب عمالنا ، الذين يدفعون شهريا الاف الدنانير ، كرسوم انتساب لها ، مقابل المماطلة والتسويف في حل مشاكلهم ، اللهم الا تلك الفئة القليلة المنتفعة ، التي تروج لها ، والتي تمتلك القدرة " ومع الاسف الشديد " على تضليل فئة كبيرة من عمالنا ، باساطير القوة والتمكن ، فتنشط عند الانتخابات ، لتخدع البسطاء من عمالنا ، بجدوى تلك النقابة ، وقدرات شخوصها ، واهمية التصويت لهم ، ليدرك البعض لاحقا حجم الخديعة ، وهاهم يعضون اصابع الندم على ما فات ، واغلبية ما زالت الغشاوة على عيونها ، تعميها عن ادراك الحقيقة .


اننا في البوتاس ، نمثل شعبنا الاردني خير تمثيل ، في سوء ممارستنا للديمقراطية ، لقد انتخبنا المجلس النيابي الخامس عشر ، ثم بدأنا نشتمه ، فقام جلالة الملك بحله ، ثم انتخبنا المجلس النيابي السادس عشر ، وها نحن نشتمه صباحا ومساءا ، وسوف نظل نشتم المجالس النيابية التالية ، حتى لو طبقنا ارقى قوانين الانتخاب في العالم ، لاننا نقول غير ما نفعل ، وربما لان الديمقراطية لا تليق بنا ، فهذا حالنا مع الانتخابات كممارسة ديمقراطية ، ننتخب وفقا لميولنا العشائرية والاقليمية والفئوية والطائفية ، ولا نقيم وزنا لمصالحنا المشتركة ، ولمصلحة الوطن الذي يجمعنا .

اننا وبمنتهى البساطة ، نسأل عمالنا في البوتاس ، ماذا حققت لكم نقابة المناجم والتعدين منذ اربع سنين خلت ، وبالذات بعد هيكلة الرواتب عام 2008 ، وما افرزته من انتقاص لحقوق فئة كبيرة من العاملين ، وهي الفئة التي تم تعيينها بعد عام 1986 ، حيث توقف منح مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بعد هذا التاريخ ، واستمرارها للعاملين القدامى كحق مكتسب .

لقد وقعت نقابة المناجم والتعدين على اتفاقية مع ادارة شركة البوتاس ، في 9/7/2008 ، تتضمن موافقتها عبى هيكلة الرواتب ، وان لا تتقدم باي مطالب مالية ، لعامين لاحقين ، واستضافت ادارة الشركة نقابتنا لثلاثة ايام ، في احد الفنادق الراقية في منطقة البحر الميت ، كي يقوموا بدراسة مشروع هيكلة الرواتب قبل التوقيع عليه ، والتاكد من انصافه لجميع العاملين ، غير ان النقابة وقعت من الساعات الاولى على الاتفاقية ، دون ان تدرسها جيدا ، والسبب في ذلك بسيط جدا ، لقد تداعى اعضاء النقابة في ذلك الوقت ، كل لمصلحته الخاصة ومصلحة اعوانه ، فما ان ضمنوا زيادات مجزية لهم في الرواتب ، حتى وقعوا على الاتفاقية ، وبعد ان ظهرت المظالم ، وغياب العدالة في توزيع الزيادة ، وتذمر العاملين من ذلك ، اضطرت النقابة الى الاعتراف بوجود ظلم في هيكلة الرواتب ، ومنذ ذلك الحين وحتى الان ، والوعود تلو الوعود ، تنهال على المتظلمين يفرب انصافهم ، دون تحقيق ذرة من هذه الوعود .

لقد واجه العاملون في البوتاس ، تبعات مشكلة التامين الصحي ، وهي قيام المئات من العاملين ، باللجوء ال القضاء الاردني ، للحصول على تعويض مالي ، عن اعتلالات صحية اصابتهم اثناء عملهم الطويل في البوتاس ، وفق نظام التامين المعمول به ، ونال هذا الامر في البداية رضى ، او بالاصح عدم ممانعة ادارة الشركة ، الى ان اصبح لاحقا ، مثارا للغضب ، وللحرمان من الامتيازات والترقيات ، فماذا فعلت النقابة لايجاد حل عادل لهذه المشكلة ، يرضي طرفي المعادلة ؟ لاشيء سوى الوعود المتكررة .

لقد طالبت اغلبية العاملين في شركة البوتاس العربية ، ممن تم تعيينهم بعد عام 1986 ، وهو العام الذي توقف فيه العمل بمكافأة نهاية الخدمة ، للذين تم تعيينهم بعد هذا التاريخ ، واستمر للقدامى ، فاصبحت هذه المكافأة ، وبعد زيادة الرواتب ، تمنح حوالي 300 موظف ، مكافاة نهاية خدمة ، ادناها 100 الف دينار ، وتصل للبعض الى نصف مليون دينار ، وفي المقابل ، فان اغلبية العاملين ، لن تنال بعد عشرين عاما من العمل ، الا مبلغ سبعة الاف دينار ، دفع نصفها من الموظف نفسه ، فاين العدالة في هذا الامر ؟ فماذا كان موقف نقابة العاملين من هذا المطلب ؟ لقد كان الرفض بدون مبرر ، لا بل ان بعض اعضاء النقابة ، اعلنوا ان هذا المطلب لا يهمهم في الوقت الحاضر ، فاكبرهم سنا ، بقي له 15 او 20 عاما حتى يصل لسن التقاعد ، وبالتالي امامهم السنين الطوال ، حتى يحصلوا على هذه المكافاة والمزيد من الامتيازات ، اما ال 700 موظف ، الذين حرموا من مكافاة نهاية الخدمة ، ومن الزيادة العادلة في الراتب ، وشارفوا على التقاعد بخفي حنين ، فانهم لن يكونوا موضع اهتمام اعضاء النقابة .

لقد حرم العشرات من العاملين في السنوات الاخيرة ، من الدورات المحلية والخارجية ، وحتى الدورات التي تعقد في مركز تدريب الشركة ، بسبب رفعهم قضايا تامين صحي ، كما حرموا من الحصول على الترقيات والدرجات لنفس السبب ، لا بل ان احد المدراء العرب ، تطوع بما هو اكثر من ذلك ، لقد لجأ ذلك المدير العربي ، الى تقييم احد قدامى المهندسين بدرجة جيد لاخر سنتين ، كي يحرمه من الحصول على الدرجة الادارية الثانية ، حسب نظام الشركة ، علما ان هذا المهندس يعمل في الشركة منذ ما يقارب الربع قرن ، حصل في 18 عاما الاولى منها على تقييم ممتاز ، ثم لاربع سنوات على تقييم جيد جدا ، بسبب ضغط الادارة الكندية لتخفيض درجة التقييم للجميع ، فهل يعقل ان المهندس يتقاعس بعد 25 عاما في الخدمة ؟ فماذا فعلت نقابة المناجم والتعدين لتصويب هذا الخلل ؟

الا تذكرون يا عمال البوتاس ، الاجتماع الذي دعتكم اليه النقابة في 15 اذار الماضي ، امام بوابة المصانع ، والوعود التي اطلقت ، وانهر اللبن والعسل التي ستجري ، بعد استقالة نائب المدير العام للموارد البشرية في ذلك الوقت ، وها هي استقالته قد مضى عليها اكثر من ستة اشهر ، فماذا تحقق لكم من تلك الاستقالة ، التي كانت بضغط من رئيس النقابة ونواب متحالفين معه ؟

اننا لسنا طلاب اعتصامات او تظاهرات او اضرابات ، ولا نهوى هذه الممارسات ، اننا اصحاب حقوق منقوصة ، اغلقت في وجوهنا ابواب العدالة والانصاف ، افنينا عمرنا في بناء شركة البوتاس ، وعملنا الليل والنهار لاعلاء شانها ، في اصعب الظروف واحلكها ، قبل ان يأتي بعدنا ، من وجدوا الصعاب قد ذللت ، فكانت لهم المكاسب والمغانم ، بينما اصبح اكثر من 700 موظف ، ممن تم تعيينهم بعد عام 1986 ، وامضوا في الخدمة ما يقارب العشرين عاما واكثر ، لم ينالوا مكافأة نهاية خدمة ، ولم يحصلوا على زيادات مجزية في الراتب ، كما هو حال الموظفين الجدد ، اصبح مصير هولاء ، كمصير خيل الانجليز عندما تهرم ، عملنا الاف الساعات الاضافية دون مقابل مادي ، وعمل العديد منا 36 ساعة متواصلة ، عندما كانت المصانع تواجه ظروفا صعبة ، ورغم الرواتب القليلة حينها ، الا اننا كنا سعداء بالعدالة النسبية ، وبضآلة الفوارق بيننا في الرواتب ، وبقدرة كل واحد منا على نيل حقه ، فابواب الادارات العليا كانت مفتوحة امام الجميع ، بمثاية محاكم للاستئناف والتمييز ، بينما اليوم ، اصبح المدراء العرب ، جبابرة في سلطاتهم المطلقة ، التي منحتهم اياها الادارة الكندية .

اننا طلاب حق ، سنظل نطالب بحقوقنا المهدورة ، بكل السبل القانونية ، فالقضاء الاردني مفتوحة ابوابه للجميع ، ووسائل الاعلام المحلية والعالمية ترحب بكل ذي حق ، ومنظمات حقوق الانسان هي احدى ساحاتنا ، ولا حاجة لنا بنقابة تخذلنا ، وتتجاهل حقوقنا ، التي هي مبرر وجودها ، والاولى بنا ان نستقيل من هكذا نقابة ، وان نتفاهم مع ادارة شركتنا مباشرة ، فنحميها من الابتزاز ، اما اخوتنا الاقلية ، الذين بحشدون التاييد للنقابة في كل مناسبة ، فاننا ندعوهم الى وقفة حق ، لنصرة زملائهم وابناء وطنهم ، فان عنوان العصر هو العدالة وحقوق الانسان ، رغم ان البعض يحاول ان يجعل الولائم عنوان المرحلة .

مالك نصراوين
m_nasrawin@yahoo.com
27/11/2011