إبادة الأرمن... بين «التسّييس» وإعادة «كتابة التاريخ»

اخبار البلد ـ لن تنتھي سریعاًمفاعیل الاعتراف الأمیركي بـ"الإبادة الارمنیة» على ید الامبراطوریة العثمانیة..إذ ثمة مستفیدون كثر من ھذا «التطور» الذي أحدثھ قرار الرئیس الأمیركي, خصوصاً بعدما حملت واشنطن الرقم «28 «بین الدول (معظمھا أوروبیة) التي اعترفت بالإبادة الجماعیة للأرمن، ما یمنح فرصة ثمینة لمجامیع الأرمن وخصوصاً اللوبي الأرمني القوي في الولایات المتحدة, لرفع دعاوى «تعویض» على تركیا الأمر الذي حاولت أنقرة طویلاً وكثیراً تفادیه لكنھا الآن باتت في عین العاصفة التي أحدثھا قرار بایدن.

وبصرف النظر عن التوقّعات التي تذھب بعیداً في رصد ردود الفعل التركیة, في ظل الغضب الذي اتّسم في معظمه بالعنف الكلامي والرفض المطلق, والتندید بـ«أشدّ العبارات» وغیرھا مما یتقن الناطقون باسم الرئاسة التركیة «ابتداعه» من مصطلحات وكلمات تحد ووعید, ناھیك عما تحفل به جعبة رئیس الدبلوماسیة التركیة مولود أوغلو، فإن «الاعتراف الأمیركي» بات على الحائط, ولم یعد بمقدورھم تجاھله أو حتى اتخاذ خطوات مضادة تزید علاقات أنقرة بواشنطن تدھوراً, خاصة في ظل الأزمات الداخلیة المتدحرجة التي تعانیھا تركیا. إن على مستوى المشكلات الاقتصادیة والمالیة المتفاقمة, أم في ظل تراجع شعبیة الحزب الحاكم وما تعكسھ استطلاعات الرأي من إنخفاض في نسبة تأیید تحالف أردوغان/بھجلي, أو حزب العدالة والتنمیة/والحركة القومیة الیمینیة تحت اسم «تحالف الشعب/الجمھور» في مواجھة تحالف أحزاب المعارضة «تحالف الأمة».. إضافة بالطبع إلى بدء تراجع الدور الإقلیمي لتركیا بعد سلسلة تدخلات ذات طابع عسكري, في ساحات ومیادین عدیدة بدءاً من سوریا مروراً بلیبیا ولیس إنتھاء بالعراق وناغونوكاراباخ, وتوقّف أنقرة عن عملیات التنقیب عن النفط/الغاز شرق المتوسط, ناھیك رسائل التھدئة/المصالحة التي أرسلتھا أنقرة لعواصم عربیة عدیدة لم تجد الأصداء التي سعت الیھا.

یجدر التوقّف عند التفسیرات الأمیركیة التي أعقبت صدور البیان الأمیركي والتدقیق ملیَّاً في تفسیرات مصادر رئاسیّة حول طبیعة وأھداف الاعتراف كذلك ردود الأفعال التركیة.

قال بایدن في بیانه: «الاعتراف بـإبادة الأرمن لا یستھدف إلقاء اللوم، ولكن لمنع تكرار ما حدث», «الیوم - أضاف - ونحن نحزن على ما فقد، دعونا نوجه أعیننا نحو المستقبل». فیما تطوع مسؤول «كبیر» الإدارة الأمیركیة بالقول: الإعتراف یھدف الى تكریم الضحایا ولیس توجیه اتھامات, مؤكداً...أن واشنطن لا تزال تعتبر أنقرة شریكاً مھماً في الناتو. واصفاً أول اتصال ھاتفي بین بایدن وأردوغان بانه اتسم بـ«المهنية» والصراحة.

على المقلب التركي جاءت التصریحات عنیفة وحادة, لكنھا لم تخرج عن إطار رفض تلقّي دروس التاریخ واتھامات بتسییس المسألة, ودعوة لأمیركا بأن تقرأ تاریخھا, وغیر ذلك من مواقف لم تخرج - وھنا الأھمیة – عن إطار الكلام على الطریقة العربیة, دون تلویح بالرد او سحب السفیر او تعلیق العمل باتفاقیات و"أوراق» طالما تفاخرت أنقر بامتلاكھا.

ماذا عن إسرائیل؟

من الأھمیة الاشارة أن إسرائیل ربما ھي الدولة الوحیدة (باستثناء اذربیجان التي انتقدت القرار الأمیركي) التي لم یعجبھا اعتراف بایدن, كونھا لا ترید لأحدامن شعوب العالم مشاركتھا أسطورتھا المزیفة عن «الھولوكوست», والإبقاء على «تفردھا» في مواصلة استثمارھا لصالح مظلومیة یَ ُ ھودیة مؤسطرة..ولھذا «لم ولن» تعترف إسرائیل بالإبادة الارمنیة, رغم كل ما یحفل به إعلامھا من أكاذیب.