السبيل للخروج من عنق الزجاجة

أخبار البلد-

 
يطالعنا يوميًا على الشاشة الفضية ومواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من الشخصيات الوطنية والتي لا نشك في ولائها وانتمائها، ولكن نرى في خطابها الممجوج كثيرا من المضيعة للوقت وهدر للطاقات، ومنع الوجوه الشابة والمخلصة لتتبوأ مواقعها المفترضة، حيث إن هذا الخطاب الكلاسيكي قد طواه الزمن وصار من الإرث الماضي للدولة، وصار لزامًا أن نستبدله بخطابٍ اخر يتناسب ووسائل العصر الرقمية، ويخاطب الحاضر بصرامة وعزيمة وصدق، يجب أن تعمل الدولة بمؤسساتها السياسية والتشريعية والقضائية على خلق اليات العمل الجاد والمنتج دون الاعتماد على قيم الإيديولوجيا التي لم تزد الواقع إلا ترهلًا وتضعضعًا،، ففي عصر العولمة الرقمية لا مجال للنفاق السياسي على حساب المنجزات والموقع والتطور المتوقع، فلا غطاء للمقصرين مهما كانت مواقعهم، وهذا منهج ملكي بدأنا نبصره عن قرب، ونحن مع الملك لأنه يتبصر المستقبل بكثير من الشفافية، ومع ولي العهد الذي يعمل على السير بخطى واثقة مطمئنة للوصول بالأردن إلى سلم النمو والتطور، ولذلك يكون لزامًا أن يتم ضخ الدماء النقية الشابة والمنتمية بعقل متفتح، يكون لديها النقد لغاية الإصلاح وليس لغاية الاستعراض، ومرة أخرى لا أريد أن أثقل في وصف النخب السياسية والإدارية، فهي التي عملت على وضع اللبنات الأساسية لبلدنا، ولكن مع بدء الثورة الرقمية الرابعة صار عليها أن تترك زمام الأمر لوجوه شابة ملتزمة بالبيعة، والمواطنة الحقيقية، والإصلاح الذي يدعو إليه الملك ليل نهار في أوراقه النقاشية، ولقاءاته المتلفزة والإذاعية وعبر تغريداته، وبناء عليه لزامًا علينا أن نعد العدة لتأهيل جيل مختلفيؤمن بالوطن ويحارب الفساد والفقر والبطالة بمزيد من الإنتاج والعمل، ولديه رؤى للمستقبل.
إن العصر الرقمي بكل معطياته قد قلل الهوة الحضارية بين الدول، وصار بوسع دول صغيرة أن تعمل على اللحاق بركب الدول المتقدمة نتيجة الارتقاء بوسائل التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها للصالح العام، وقد كان للنخب الشابة دورًا كبيرًا في تطور بلدانهم، وصار بوسع المنظومات التعليمية والصحية والإدارية، والمؤسسات السياسية والاجتماعية أن تكون موئلًا للانفتاح والتحضر، ومراكزًا للإنتاج والعطاء.
إن الأردن يمتلك العوامل التي تجعله متقدمًا عربيًا وإقليميًا في مجال التكنولوجيا، فلا يشترط وجود المواد الأولية للارتقاء بالاقتصاد فهناك دول كسنغافورة وكوريا، وأيضًا الصين واليابان، ارتقت وصار دخل الفرد لديها عاليًا نتيجة التفرد في المستوى العلمي والأخلاقي، ومحاربة الفساد والبطالة، واليات تشريعية شجعت الاستثمار وجلب رؤوس الأموال، وقد تحمل الفرد في هذه البلدان الكثير ليرتقي بوطنه بحيث لم يعد الفرد عبئًا على الدولة بانتظار الوظيفة، ولكن كان شريكًا حقيقيًا لمؤسسات دولته في القيام بمشروعه الخاص.
إذًا لدينا خيارات إستراتيجية بين البقاء ضمن دول العالم الثالث الذي يعتمد فيه الفرد على حكومته، ويحاسبها إن لم تقم بتوفير وظيفة مقنعة، أو قيام الدولة بتسهيل المشاريع الصغيرة والكبيرة، والقيام بسن قوانين حمائية وتشجيعية لهذه المشاريع بحيث تكون جاذبة للاستثمار الأجنبي، وصالحة كمنتج ذي جودة عالية للتصدير والتنافس، وهذا لا يمكن أن يتحقق في ظل فساد تقليدي، وفي ظل إستبعاد النخب الأكثر إنتاجا، وربما يعيدنا هذا للمربع الأول في ضرورة تغيير الواقع السياسي وتزويده بالطاقات التي أُستبعدت نتيجة البيروقراطية، وأن يتم محاربة المحسوبية والواسطة وتجريم مرتكبيها، بعد سن القوانين الناظمة لمحاربة الفساد، وفي ذات الوقت إعادة النظر في المناهج التقنية والعلمية والإنسانية من خلال لجان يتم إختيارها بعناية، وفي هذا السياق نتذكر ما قام به الرئيس الأمريكي جون كنيدي مطلع الستينيات من القرن الماضي عندما أمر بعقد مؤتمر وطني لإعادة النظر في المناهج الدراسية في الجامعات والمدارس بعد نجاح أول مركبة فضائية سوفييتية «سبوتنيك» في الدوران حول الأرض عام 1957م، وبعد ذلك هبطت أول مركبة أمريكية على ظهر القمر عام 1969م « أبولو 11».