بعد العقوبات الأميركية: هل دخلت علاقات واشنطن/أنقرة.. مربع المواجهة؟
اخبار البلد ـ بإعلان الخارجية الأميركية أمس فرض عقوبات على هيئة الصناعات العسكرية التركية SSB, بذريعة شراء أنقرة واختبارها منظومة صواريخ S-400 الروسية، يمكن القول: إن إدارة بايدن فتحت بوابة مواجهة متدحرجة مع حليفتها الأطلسية, ترجمة لتهديدات كان بايدن أطلقها ضد الرئيس التركي وحكومته, واتهاماته المحمولة على أوصاف لاذعة للرئيس أردوغان، ما يُنبئ بفصل من التوتّر حال الرئيس السابق ترمب دون تدهور علاقات البلدين, رغم انه (ترمب) فرَض في 15/ 12/ 2020 عقوبات استهدفت فقط رئيس الهيئة اسماعيل دمير وبعض مساعديه، لكن عقوبات بايدن طالت «الهيئة» ذاتها كشخص معنوي, إضافة الى رئيسها وثلاثة قادة آخرين.
الرئاسة التركية لن تصمِت إزاء أول «تحرّش» من إدارة بايدن, وسيكون ردّها غاضبا, خاصة إنها عرَضتْ اكثر من مرة على إدارة ترمب وخصوصاً الإدارة الحالية تشكيل «لجنة عمل» خاصة لمناقشة «مشكلة» صواريخ S-400, وإن كانت أكّدت أن مسألة المنظومة باتت محسومة، كما أعلنَ تشاويش أوغلو مؤخراً.
يجب عدم التقليل من آثار العقوبات الأميركية على هيئة الصناعات التركية, كون الأخيرة رغم التقدم الذي أحرزته لم تصل بعد – وربما تحتاج لسنوات طويلة – للإعتماد على ذاتها وتوفير متطلبات الجيش التركي من الأسلحة, (لم تستطع توفير أكثر من 70% من احتياجاته) إضافة لارتباطها بشركات صناعات عسكرية غربية وخصوصاً ألمانية. إن لجهة محركات دبابة «ألتاي» التركية, أم محركات الطائرات الحربية التي تصنعها تركيا, فضلاً عن عجزها تصنيع غواصات حربية رغم نجاحها في بناء معظم السفن العسكرية الأخرى.
ذلك كله لن يمنع الرئيس التركي من إعلان غضبه ورفضه العقوبات, والتلويح بالذهاب إلى مصادر أخرى لاقتناء ما تحتاجه تركيا عسكرياً, بل كشفت مصادر تركية أن أنقرة دخلت مفاوضات مع موسكو لاقتناء منظومة صواريخ جديدة من S-400، ما بدا للوهلة الأولى وكأنه مُجرّد تلويح وورقة ضغط لـ"فرمَلة» الإدارة الجديدة والحؤول دون ترجمة تهديداتها الى خطوات ملموسة.
ما قد يفضي إلى تصعيد غير محسوبين بينهما, خصوصاً في ظل الأزمات والملفات المعقدة التي يُواجهها كل منهما.. داخلياً كما على صعيد العلاقات الخارجية. إذ يواجِه بايدن توترات داخلية في اكثر من ملّف سواء مع الجمهوريين في الكونغرس, أم ملف الإنقسام المجتمعي والإستقطاب الحاد الذي باتت عليه أميركا, فضلاً عمّا أجّجتهه او تسببت به سياساته الخارجية مع روسيا والصين, والتوتّر المتدحرج في الأزمة الأوكرانية والملف النووي الإيراني.
كذلك حال أردوغان في الداخل التركي مع مذكرة الجنرالات الـ"103» الذين اعترضوا على شق قناة أسطنبول والتحذير من المسّ باتفاقية مونترو فضلاً عن السِجال حول نيّته كتابة دستور جديد، دون إهمال تداعيات الدور التركي في الساحات الإقليمية في سوريا والعراق وليبيا، كما في الصومال والقرن الإفريقي..
جملة القول: العقوبات الأميركية «الأولى» ضد تركيا في عهد بايدن,, فتحت الباب واسعاً أمام سلسلة من الأسئلة والتساؤلات حول مستقبل العلاقات التركية – الأميركية وما قد تفرِزه من مشهد جديد في معادلة التحالفات وموازين القوى في المنطقة بأسرها.