وزير الزراعة وغزوة الابقار المستوردة
أخبار البلد-
التعامل اليومي مع بعض الوزراء أو المسؤولين في الحكومة الحالية يثبت بالوجه الشرعي والمنطقي ،أن هؤلاء لم يدخروا في جنباتهم أي ملامح لاهل الحَل والرَّبطِ السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي من أجل تخفيف حدة الغضب الشعبي على ماتم أو يتم إتخاذه من قرارات لا تخدم صالح المواطن الذي وجدت الحكومات لخدمته .
والمؤسف حقا أن تجد أحد المسؤولين يرفض على الهواء مباشرة، ومن خلال مقابلة تلفزيونية ،أن يناقش مع أحد الفاعلين مسألة تتعلق بقطاع من قطاعات الانتاج في الاردن ، وينسحب بحجة وجود موعد لاجتماع ، وهنا يطرح السؤال التالي: اذا كان هذا هو الحال لتصرف المسؤول في التعاطي مع قطاع متضرر من قرار المسؤول امام الكاميرا وامام المشاهدين، فكيف هو الحال فيما لو راجع المتضرر المسؤول في المكتب وبعيدا عن الكاميرا وبعيدا عن عيون المشاهدين ؟
إن ما أتحدث عنه ليست "أحجية" او فزورة ،إنها حالة حصلت للأسف مع وزير الزراعة خالد الحنيفات خلال مقابلة تلفزيونية شارك فيها رئيس جمعية تسويق حليب الابقار مروان صوالحه، وكان محورها توجه الوزير للسماح لمستثمر في قطاع الثروة الحيوانية بإستيراد ابقار حلوب من الخارج وبكمية الف بقرة، ما اعتبره ممثل القطاع أمرا سيؤدي الى ضرب الانتاج المحلي من الحليب وسيؤذي العاملين في هذا القطاع .
والحقيقة وكما نعلم جميعا أن قطاع منتجي الحليب من الابقار تعرض ويتعرض لمنافسة شديدة بسب الاستيراد الذي تقوم به بعض المصانع المنتجة للالبان والاجبان والمشتقات الاخرى من ناحية ومن ناحية اخرى سماح الجهات المعنية ومنها وزارة الزراعة لاصحاب المصانع بإستيراد الحليب المجفف لاستخدامه في صناعة الالبان والاجبان ، وهو مايؤثر على جودة المنتج وعلى كمية شراء الحليب من صغار المنتجين من مربي الابقار الحلوب الذين قاموا في سنوات سابقة بإحتجاجات أدت الى القاء الحليب في الشوارع بسبب رفض المصانع شراء الكميات التي ينتجها هذا القطاع.
وكما هو معروف أن دول العالم تقوم على حماية صغار المنتجين في قطاع الثروة الحيوانية ، وخاصة قطاع الابقار الحلوب نظرا لما يعكسه هذا الدعم من حماية للاسرالعاملة في القطاع وهي أسر ريفية ،ما يمنع هجرتها من الارياف الى المدن من ناحية ومن ناحية اخرى توفير مداخيل مالية لها يمنعها من التوجه لطلب وظائف من الحكومات،اضافة ان تشجيع ودعم هذا القطاع سيوفر العملة الصعبة التي تتطلبها عملية الاستيراد من الخارج ما يؤثر على الميزان التجاري وعلى الخزينة العامة للدولة.
إن الحكومة ليست بحاجة الى المزيد من القرارات التي تصب في مصالح مستثمر واحد على حساب اقتصاد المواطن وحساب اقتصاد الوطن ، خاصة أن المواطن يشعر كل دقيقة ان الحكومة بوزراء "التأزيم " تتجاهل مطالبهم وهو ما سيؤدي حتما الى المزيد من الغضب والسخط تجاه مؤسسات الدولة ومن يقودونها وعلى وجه الخصوص في هذه الاوقات التي يعيش فيها المواطن في الارياف وفي البوادي وفي المخيمات وفي التجمعات السكانية الفقيرة الذين في غالبيتهم الصابرة يرزحون أكثر فأكثر تحت نير الفقر وقلة الكرامة في العيشة.
إن تجربة السماح بإستيراد الموز الذي اتخذه الوزير الحنيفات مثالا على حنكة الوزارة في معالجة ارتفاع سعر الموز ، اثبت فشل هذه التجربة حيث ان اسعار الموز ما زالت مرتفعة فالموز الصومالي ك مازال سعره يقارب الدينارين، واللبناني دينار ونصف للكيلو ،فيما سعر الموز الاردني ما زال عند سعره السابق بين دينار ودينار وربع الدينار ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ، لم يطلعنا الوزير على تجربة واحدة لوزارة الزراعة خاصة بهذا القطاع أدت الى خفض أسعارمنتجات الالبان والاجبان بعد ان تم منح هذا المستثمر او ذاك استيراد الابقار الحلوب؟
إن استراتيجية الامن الغذائي التي طالب بها جلالة الملك وتعهدت الحكومة بتنفيذها بالتأكيد تختلف عما يقوم به الوزير من فتح الباب للاستيراد على حساب المزارع او مربي الثروة الحيوانية من منتجي الحليب ، ولذلك فأن الوزارة مطالبة بدعم المزارع ووقف عمليات الاستيراد التي ستضر بالعاملين في هذا القطاع وخاصة الاسر الريفية التي تعتبر تربية الابقار الحلوب مصدرا اساسيا لدخلها ، كما ان المطلوب هو ان تمارس الوزارة رقابة شديدة على استخدام المصانع للحليب المجفف، وايضا اجبارها على شراء كامل الكميات المنتجة من الابقار التي تربيها الاسر الفقيرة والمتوسطة الدخل في الارياف والبوادي ، ما سيؤدي الى حماية هذا القطاع .