مصر: الثوار يحشدون في "التحرير" لإسقاط المشير رغم تعهده بنقل السلطة

ما يزال عشرات الآلاف من المتظاهرين محتشدين في ميدان التحرير يهتفون "الشعب يريد إسقاط المشير" رغم إلقاء الاخير امس بيانا تعهد فيه بإتمام نقل الحكم الى سلطة مدنية قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل.
واضطر رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي الى توجيه خطاب الى الشعب لأول مرة لمواجهة اعنف أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي عقب ثورة شعبية استمرت 18 يوما.
وتصاعدت الأزمة خلال الايام الثلاثة الاخيرة بعد مواجهات بين الشرطة وناشطين شباب اسفرت منذ السبت الماضي عن سقوط 28 قتيلا ومئات من الجرحى اصيب العديد منهم في عيونهم برصاص "خرطوش" اطلقته قوات الامن من بنادق صيد.
وشهدت عدة محافظات اخرى تظاهرات من بينها خصوصا الاسكندرية والسويس وبور سعيد والاسماعيلية وحتى شرم الشيخ.
واعلن طنطاوي، في خطابه الذي اذاعه التلفزيون المصري، ان الانتخابات الرئاسية ستجرى قبل نهاية حزيران (يونيو) 2012 وعرض إجراء استفتاء شعبي اذا أصر المتظاهرون على مطلبهم بتسليم الحكم فورا الى سلطة مدنية.
وقال طنطاوي، إنه قرر "الالتزام بإجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها والانتهاء من الانتخابات الرئاسية قبل نهاية (حزيران) يونيو المقبل". ومن المقرر ان تبدأ الاثنين المقبل انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى على ثلاث مراحل لتنتهي في كانون الثاني (يناير).
وردا على مطالب المتظاهرين المستمرة بتسليم الحكم فورا الى سلطة مدنية، قال طنطاوي "ان القوات المسلحة ممثلة بمجلسها الاعلى لا تطمح في الحكم وأنها على استعداد تام لتسليم المسؤولية فورا اذا اراد الشعب ذلك من خلال استفتاء الشعب اذا اقتضت الضرورة ذلك".
واضاف طنطاوي انه قبل استقالة حكومة عصام شرف التي تقدمت بها مساء اول من امس وقرر تكليفها بتسيير الاعمال الجارية الى حين تشكيل حكومة جديدة "تتمتع بصلاحيات" تمكنها من مواصلة العمل حتى انتهاء المرحلة الانتقالية.
ونفى طنطاوي انحياز المجلس الاعلى للقوات المسلحة لأي قوى في المجتمع على حساب قوى اخرى، وقال "أعلنا مرارا وتكرارا اننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، لا ننحاز لطرف على حساب أطراف أخرى، فنحن القوات المسلحة التي تحمي الشعب دون تصنيف أو انتقاء.. ورغم ذلك يتهمنا البعض بالانحياز".
وتابع "أعلنا مرارا وتكرارا أننا اوقفنا إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية إلا في الحالات التي ينطبق عليها قانون القضاء العسكري".
وفي هذا السياق، اصدر طنطاوي مساء امس كذلك قرارا بإحالة ملف التحقيقات مع المتهمين في أحداث ماسبيرو من القضاء العسكري الى النيابة العامة.
وكان 25 شخصا، غالبيتهم من الاقباط، قتلوا خلال مواجهات مع الجيش في التاسع من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي اثناء تظاهرة احتجاج على هجوم استهدف كنيسة قبطية في صعيد مصر.
ولكن المتظاهرين في ميدان التحرير اعتبروا ان هذه القرارات غير كافية.
وقالت ابتسام الحلواني (50 عاما) التي جاءت مع ابنتها "لا يمكننا ان نثق في ما يقول. الكرة كانت في ملعب المجلس العسكري لشهور ولم يفعلوا شيئا".
واكد احمد ممدوح وهو محاسب في الخامسة والثلاثين من عمره ان "طنطاوي هو نسخة طبق الاصل من مبارك وخطابه مثل خطابات مبارك قبل موقعة الجمل"، في اشارة الى المواجهات العنيفة التي شهدها ميدان التحرير في الثاني من شباط (فبراير) الماضي قبل سقوط مبارك.
واعتبر الشاب عبد الرحمن ابراهيم الذي ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين ان "هذا الخطاب مثل خطابات مبارك، طنطاوي يجب ان يرحل هذا كل ما يجب ان يفعله".
وكان رئيس أركان الجيش المصري الفريق سامي عنان التقى قبيل ظهر امس عددا من ممثلي القوى السياسية، من بينهم رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين محمد مرسي وبعض ممثلي الاحزاب الاخرى اضافة الى اثنين من مرشحي الرئاسة هما القيادي الاسلامي سليم العوا والامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
وقال مصدر عسكري ان الاجتماع الذي دعا اليه المجلس العسكري على عجل لبحث "الأزمة المتفاقمة" في البلاد، "ناقش موضوع استقالة حكومة عصام شرف التي لم يتم البت فيها حتى الآن، كما طرح البعض تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد البرادعي أو عبد المنعم أبو الفتوح، على أن تضم في تشكيلها ممثلين لكل التيارات السياسية".
ويحظى البرادعي، الذي سبق ان اعلن منذ بضعة أشهر عن استعداده للتخلي عن الترشح لرئاسة الجمهورية من اجل ان يساهم في العبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية القلقة التي تعيشها، بشعبية كبيرة في اوساط الناشطين الشباب المعارضين لاستمرار المجلس العسكري في السلطة.
وكان الاخوان المسلمون اعلنوا انهم لن يشاركوا في تظاهرة امس مؤكدين انهم يريدون "تهدئة الاحتقان" حتى يتسنى الالتزام بموعد الانتخابات التشريعية التي يعتقدون ان نتائجها ستصب في صالحهم.
ويتهم الناشطون الشباب خصوصا المجلس الاعلى للقوات المسلحة بأنه ابقى على سياسات نظام مبارك القمعية وينتقدون بشدة إحالته المدنيين الى محاكمات عسكرية.
ولخصت صفحة خالد سعيد، التي لعبت دورا محوريا في الدعوة الى تظاهرات كانون الثاني (يناير) ضد مبارك، موقف الناشطين الشباب، وقالت ان "إصرار المجلس العسكري على احتكار كل السلطات وتأجيل انتخاب رئيس حتى 2013 ده إسمه إنقلاب على وعوده بعد ما استلم السلطة وإنقلاب على الثورة".
الى ذلك، دانت الولايات المتحدة "الاستخدام المفرط للقوة" من جانب قوات الامن المصرية وطالبت الحكومة المصرية بحماية الحق في التظاهر.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان "الولايات المتحدة ما تزال قلقة حيال العنف في مصر"، معتبرة ان اعلان المشير حسين طنطاوي قبل قليل ان الانتخابات التشريعية ستجرى في موعدها في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) هو امر "مطمئن".
وشددت نولاند على ان الحكومة المصرية "تتحمل مسؤولية خاصة" لجهة وقف اعمال العنف مؤكدة ان واشنطن "تطالبها بإلحاح بممارسة اكبر قدر من ضبط النفس".
واضافت ان طنطاوي "المصريون يريدو سماع عدد من الامور وخصوصا ما يتعلق بإجراء الانتخابات ونحن الآن مطمئنون"