التلفزيون الأردني


ما دمنا في مرحلة كلنا ندعو فيها لإصلاح كل شيء فإن هناك أولوية لا بد للدولة الأردنية أن تعطيها كل اهتمام جاد وهي إنقاذ مؤسسة الإذاعة والتلفزيون, وأن نخرج من مرحلة نقد وشتم المؤسسة إلى مرحلة إنقاذ حقيقية وفق أسس وبرنامج إصلاحي واضح, وأقصد بالإصلاح جدية في تنفيذ الحلول.
التلفزيون الأردني ما زال القناة الأولى من حيث المشاهدة حتى الآن محلياً, أي هناك فرصة حتى الآن للبناء على ما لديه من جمهور ومشاهدين وما فيه من كفاءات تستحق التقدير وبخاصة فيما يتعلق بالشأن المحلي, وتشخيص المشكلة ليس هو المطلوب بل المبادرة للإصلاح, لأن جلسة واحدة مع أبناء المؤسسة ومن يتولون أمورها ستضع أي مسؤول أمام المشكلة وجزءاً من الحل, لكن المشكلة حتى الآن أنه لا يوجد حكومة قررت إنقاذ التلفزيون أو فعلت أشياء يمكن تفسيرها على قاعدة إدراك حجم المشكلة ومعنى فقدان الدولة لسلاح من أسلحتها.
مشكلة التلفزيون ليست في الكفاءات أو القدرات ففيه زملاء لديهم القدرة على تشغيل أهم الفضائيات لأن هذه المؤسسة كانت وما زالت مزوداً رئيساً لكثير من الفضائيات العربية, وهناك عروض لا تنقطع على العديد من الزملاء هناك بمن فيهم من سيغادروها في هذه المرحلة إلى دول شقيقة, لكن المشكلة الحقيقية غياب القناعة بأن هذه المؤسسة تحتاج إلى مراجعة وإنقاذ, وأهم الأدلة التعامل معها على أنها موقع يجري منحه أو سحبه من أشخاص وأتحدث عن رئاسة مجلس الإدارة والمدير العام وأيضاً أعضاء المجلس, وخلال عامي 2010 و2011 تناوب على موقع المدير العام أربعة أشخاص ويمكن أن يكونوا خمسة لو نفذ قرار الحكومة السابقة بتعيين مدير عام جديد, أي في حوالي 20 شهراً هناك أربعة مدراء عامين فأي نظرة استراتيجية لرفع مستوى المؤسسة !!
وخلال ذات المدة الزمنية تعاقب على المؤسسة ستة رؤساء لمجلس الإدارة من الوزراء, ولأن موقع وزير الدولة للإعلام سريع التغير فلهذا فإن معدل عمر كل رئيس مجلس لا يتجاوز أربعة أشهر, أما عضوية المجلس فهي شبه شكلية لأن دور المجلس الحقيقي هو وضع سياسات وتوجيه المسار ولو تحقق هذا لما كنا نتحدث اليوم عن التلفزيون .
الإدارة السياسية للمؤسسة هي اصل المشكلة, ولهذا جزء من الحل أن يتم تغيير الشكل الإداري للمؤسسة ليخرج من المسار القيادي غير المستقر إلى حالة آمنة تجعل اختيار المسؤول يتم وفق معايير مناسبة وتعطيه فرصة للعمل.
أما المشكلة الأخرى فتتعلق بالبنية الهندسية التي أصبحت اليوم خارج التاريخ, وكما نسمع من أهل الخبرة الفنية فأنظمة المؤسسة اليوم نادرة في ظل التطور الذي حدث على كل فضائيات العالم, وعندما تستمع إلى مختص تشعر كم هي المشكلة الفنية التي قد تظهر في أي وقت وتجعل الشاشة تفقد لونها وشكلها.
أعلم أن هناك بدايات للحل لكن المؤسسة تحتاج إلى تمويل كبير جداً لإعادة بناء قدراتها الفنية لتكون مثل أي تلفزيون آخر, وهذا مبلغ ليس صعباً لإنقاذ مؤسسة كلنا نبحث عنها.
وهناك جانب هام يتعلق بما نريد من التلفزيون وما هي بوصلته المهنية والسياسية ومن هي الجهة التي تديره سياسياً, وهذه أسئلة لا غنى عن إجاباتها إذا أردنا إنقاذ المؤسسة, لأن كل الجهات الرسمية ومن كل السلطات تعتقد أنها الأب للمؤسسة, والكل يأمر وينهى ويغضب, تماماً مثل سيارة الجمعية الخيرية التي يشعر كل الأعضاء أنها ملك لكل منهم لكن لا أحد يمكن أن يساهم في إصلاحها, فالملكية فقط لغايات الاستعمال وليس الولاية.
أما مجلس الإدارة فإن هناك حاجة ماسة لإعادة الاعتبار لدوره في استقلال المؤسسة الإداري والمهني, ودور المجلس الحقيقي في رسم السياسات وإدارة المسار السياسي والمهني وفق أحكام القانون.
أما الدائرة التجارية في المؤسسة فإنها جزء من الحل, لكن تحويلها إلى دائرة تجارية حقيقية مرتبط ببقية أجزاء الحل, ودور الدائرة التجارية كبير لأنه يوفر تمويلاً يمكن أن يتصاعد وبخاصة أن ميزانية المؤسسة اليوم مثل راتب الموظف تكفيه لأشياء وأيام معدودة.
السؤال الكبير: هل نريد إنقاذ المؤسسة أم لا ؟ فإذا كان الجواب ايجابياً فالحلول ليست صعبة ويمكن لأي مسؤول جاد أن يستمع من موظفي المؤسسة إلى كثير من عناصر الحل وأهمها. فالمشكلة ليست في نقص الكفاءات رغم زيادة الأعداد عما يجب.