مغزى قمة بغداد الثلاثية وتداعياتها الإقليمية

اخبار البلد ـ استكملت اللجنة العليا الاردنية المصرية المشتركة يوم امس الثلاثاء اجتماعاتها التي انطلقت السبت 20 مارس اذار الحالي بلقاء ضم رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ورئيس الوزراء الاردني بشر الخصاونة في عمان حيث وقع رئيسا وزراء الأردن ومصر على سبع مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية تستهدف زيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز التعاون في مجالات الصناعة، التجارة، الطاقة، النقل، الزراعة، السياحة وتكنولوجيا المعلومات.

عمان استكملت ترتيب اوراقها مع شركائها الاقليميين مصر والعراق قبيل القمة الثلاثية المتوقعة الخميس 25 مارس اذار الحالي والتي تجمع الملك عبد الله برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

فجهود الاردن للتحضير للقمة الثلاثية المرتقبة بدأت مبكرا مع انطلاقة العام الجديد بتجديد الاتفاقات مع العراق خصوصا اتفاقية استيراد النفط والتبادل التجاري عبر اجتماعات ضمت اللجان الاردنية العراقية المشتركة منذ يناير كانون الثاني الماضي؛ فالجهود الاردنية الثنائية تسهم في تذليل العقبات امام تحقيق الشراكة الثلاثية التي تطمح الدول الثلاث لتطويرها عبر سكة حديد تنطلق من السويس وتنتهي في بغداد.

الاتفاقات الثنائية لم تقتصر على الاردن وبغداد، أو الاردن والقاهرة بل شملت بغداد والقاهرة التي استضافت لجان ووفودا من العراق تحضيرا للقمة المرتقبة بدءا من كانون الاول ديسمبر العام 2020؛ فالطابع الثنائي للعلاقات يتوج بالعادة في قمم ثلاثية لتعزيز العلاقة وتطوير الشراكة الاقتصادية.

ورغم ذلك يبقى الاردن الجسر الرابط بين بغداد والقاهرة بحجم تبادل تجاري بين الأردن ومصر خلال العام 2020 تجاوز الـ 514 مليون دولار، ما يعادل 360 مليون دينار أردني، وبكفة يميل فيها الميزان التجاري لصالح مصر بـ 313 مليون دولار، فيما بلغت الاستثمارت المصرية في الاردن مليار دولار مقابل 300 مليون دولار يستثمرها اردنيون في مصر بزيادة بلغت 70% خلال العامين الفائتين.

فالاعوام 2019 و2018 شهدت انتقال اكثر من 70 مصنعا اردنيا الى مصر، فضلا عن المستثمرين السوريين الذين استقطبتهم القاهرة؛ تحدٍّ يسعى الاردن لمعالجته عبر الشراكة والتكامل لا عبر التنافس والتصارع مع دول الجوار؛ فالدور الاردني قابل للنمو عبر مزاوجة عمان بين العمالة المصرية المقدرة بـ 600 الف وافد مصري و400 الف عراقي باستثمارت عراقية تفوق العشرة مليار دولار .

معادلة يسعى الاردن الى تطويرها من خلال الشراكات وتعزيز التعاون الثنائي لتحسين تموضعه ضمن تجمع اقتصادي اقليمي من الممكن ان يضم سوريا ولبنان مستقبلا ضمن جهود اعادة الاعمار والبناء.

قمة بغداد تمثل تتويجا لهذه الجهود؛ اذ تستضيف العاصمة العراقية للمرة الاولى اجتماع القادة الثلاثة بعد اربع من القمم التي جمعت المسؤولين في البلدان الثلاث؛ فالعواصم الثلاث التي اطلقت هذه الشراكة منذ ما يقارب العامين تمكنت من تجاوز العديد من العقبات والانشغالات والتحديات وعلى رأسها وباء كورونا والتوترات الناجمة عن الصراع المتصاعد في منطقة الخليج العربي التي اعقبت اغتيال قائد فيلق اقدس اللوء الايراني قاسم سليماني في العراق.

فالدول الثلاث تمكنت من مأسسة العلاقة فيما بينها متجاوزة عناصر التوتر ومتجنبة الملفات السياسية المعقدة القادرة على تمزيق الشراكات الاقتصادية؛ فالاقتصاد بات الرافعة المفضلة الأكثر متانة لتطبيع العلاقة بين الدول الثلاث وتطويرها بعيدا عن الاجندة الخارجية والداخلية المتباينة للعواصم الثلاث.

تقدم واستقرار وديمومة يصعب ان تتحقق في حال الممانعة الامريكية او الايرانية او حتى السعودية؛ حقيقة فتحت الباب لاستضافة بغداد اللقاء الثلاثي؛ فالشراكة مشروع جذاب لدول الجوار وقواها الاقليمية؛ فالدول الثلاث تمكنت من تحقيق اختراق مهم في المنطقة وفي ظرف حساس ومعقد، قاعدته الاساسية العلاقة الاقتصادية الثنائية، والاتفاقات المشتركة التي لاتستهدف أحدًا في الاقليم بل تمثل نقطة جذب واتفاقات مقبولة .