ابن سوريا غير الشرعي

‏ توصل أفلاطون في نظرته المثالية حول فكرة الجمهورية الفاضلة، إلى ضرورة ‏إخضاع كل شيء في الدولة لشخص الحاكم الفيلسوف، والذي يعتبر المثل الأعلى ‏وينظر إليه على انه الوصي على المحكومين، وراعي للقطيع وان الأفراد لا يملكون ‏إلا طاعته، وبذلك فهو يرى أن الحكم يجب أن يكون مطلق‏ ‏ .‏
‏ أما ميكافيلي فيرى أن الحاكم غير مقيد بالقواعد الأخلاقية، وإنما تقاس أخلاقياته ‏بمقدار ما يحققه من توطيد لسلطته، ومدى تحقيقه لقوة ووحدة الدولة التي يرئسها، ‏فالغاية تبرر الوسيلة، فهو يؤمن بان الناس أشرار بطبعهم وأنهم لا يفعلون الخير، ‏فالعامل الأمني هو العامل الأساسي لتكوين الدولة، وعلى الحاكم أن يضمن استتباب ‏النظام، ويكون الحاكم قادر على القضاء على الفوضى والتصدي للفساد، وفي حالة ‏تعارض القيم التي تحكم الدولة مع القيم السائدة في المجتمع، يكون لزاما على رجل ‏الدولة العمل على التمسك بالقواعد التي تحافظ على سلطته، متغاضيا في ذلك عن ‏القيم الأخرى، لان وجود الدولة وقوتها ضروريتان لإنقاذ المجتمع من الفوضى‏ ‏.‏
‏ هذه الأفكار التي أكل عليها الدهر وشرب نرى اليوم أن فخامة الرئيس السوري ‏مؤمن بها ويطبقها على شعب سوريا العظيم، فالرجل مستميت على البقاء على ‏عرش سوريا بل يقول انه سيحارب مع تنكير من سيحاربه، فالرجل له عدو لدود ‏على حد زعمه وهو الكيان الإسرائيلي، إلا انه في العقد الزمني الذي حكم خلاله ‏سوريا لم يقم بإشعال فتيل الحرب معهم، ومن المستبعد أن يكون كلامه بعزمه ‏الحرب على الصهاينة، فهو رغم كل شعارات القومية التي كان يطلقها إلا انه كان ‏حصنا لهم على الدوام، فلم يبقى لنا التخمين إلا انه يقصد احد جهتين لحربه، أما ‏الجهة الأولى فهي أي قوات تحاول نصرة الشعب السوري علية، وفي هذه الحالة ‏سيكون كمن يحكم على نفسه بنفس مصير القذافي، أو أن يكون قصد بالحرب انه ‏سيحارب مواطنيه العزل الذين يطالبون بالكرامة وهذا الرأي الراجح فهو لا يملك من ‏الشجاعة إلا اسمها وبذلك سيكون قادر على قتل العزل.‏
‏ فالاحتجاجات في سوريا لم تخلو من القتل والتنكيل فلا الأطفال شفعت لهم ‏براءتهم، ولا النساء شفعت لهن حرمتهن، ولا الشيوخ شفع لهم وقارهم من آلة القتل ‏التي يديرها بشار، فالرسام بترت أصابعه، والمنشد قطع لسانه، والمصور فقئت ‏عينه، والمساجين من فصول تعذيب إلى انتهاكات وإذلال وتحقير، حتى أن يعترفوا ‏بإلوهية بشار أو يكون مصيرهم الموت، وصورته في عين كل مبصر يسجد لها ‏الكفرة والجبناء، والبوطي يرى انه لا بأس من استعمالها والسجود عليها عند الحاجة.‏
‏ فيا بشار مصيرك سيكون كمصير فرعون، أو هامان، أو القذافي، وغيرهم ممن ‏تجبر في الأرض فلن تفلت من يد طالب القصاص منك، واعلم انك انتهيت وانتهى ‏حكمك، وستلقى في مزبلة التاريخ، وستبقى سوريا وستستمر المسيرة ويموت أعوانك ‏كل يوم يمضي وهم بين الناس أحياء، فلن يضيع الله الدماء التي سفكتها أنت وأعوانك ‏ومن يأتمر بأمرك، فوعد الله حق ونصر سوريا عليك بإذن الله تعالى قريب.‏
‏ فإن كنت لازلت ترى انك ابن سوريا البار، فاعلم أن سوريا تبرأت منك وأعلنت ‏انك ابنها غير الشرعي، فلا شرعية لك بحكم سوريا إذا نقض أهلها بيعتك والغوا ‏عقدهم الذي يربطهم بك.‏

kayedrkibat@gmail.com