هل الدول العربية كيان مصطنع؟

اخبار البلد ـ ما إنْ تناقش أي عربي حول الهوية السياسية للدول العربية حتى يقفز أمامك، يهتز مثل جان، بأن دولة عربية هي كيان مصطنع وليد الظروف واتفاقية "سايكس بيكو" ووعد بلفور.

وتحسب للحظة أن باقي الدول العربية كانت قبل ولادة هذه الدولة، تنعم بالأمن والطمأنينة والاستقلال والحدود السياسية المستقلة، وبأنها كانت تسيطر على الجغرافيا المحيطة بها.

لقد كان الوطن العربي بأكمله جزءًا من الإمبراطورية أو الدولة العثمانية، ولم تأخذ أي دولة عربية صفتها الحالية إلا مع إعلان هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1917 ومؤتمر ومعاهدة سان مارينو، واتفاقية سايكس بيكو وغيرها من مؤتمرات التآمر على الأمة العربية لتقسيمها وتجزئتها.

ولم تستقل معظم الدول العربية عن الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي إلا في الستينيات وأوائل السبعينيات، وبقيت هناك بعض الدول والمناطق محتلة في مقدمتها فلسطين وهضبة الجولان ولواء إسكندرون والأقاليم السورية الشمالية التي سلمتها فرنسا إلى تركيا، وجزر الكناري وسبتة ومليلية وصخرة الحسيمة (تحت الاستعمار الإسباني) وعربستان والجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) المحتلة من إيران.

حدود جميع الدول العربية صنعتها الدول الاستعمارية، ونحن العربَ رضينا بهذه القسمة وبهذه الحدود الوهمية التي ما تزال تشكل عامل توتر بين الأقطار العربية.

ومنذ اليوم الأول تأكد للاستعمار القديم أنه وضع حكومات وأنظمة كانت مطيعة ووديعة ومستسلمة تبحث عن الستر والاستقرار في ظل حالة الانقسام والتخلف العربي.

كان استقلالا شكليا ومرحليا؛ لأن الاستعمار خرج من بلادنا العربية بثوبه العسكري الاستيطاني من الباب، وعاد إلينا من الشباك بثوب الاقتصاد والمساعدات والنفط والغاز والمعاهدات والاتفاقيات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من تخلف وانقسام وضعف يئن تحت وطأته نحو 400 مليون عربي ينتظرون أن يشفق عليهم الغرب بلقاح أو مطعوم يقيهم من "كوفيد-19".

كلنا غثاء كغثاء السيل، ونزع الله من صدور عدونا المهابة منا، وقذف في قلوبنا الوهن.