عودة رؤساء البلديات الى عملهم !

مع قرار حكومة "المفاجآت " بشطب سجلات الناخبين للمجالس البلدية وتأجيل الانتخابات الى ما لا يعرف تاريخه والحديث عن إعداد قانون انتخابات جديد سيحال الى مجلس النواب في غضون شهرين على حد تصريح وزير البلديات ، فقد ظهرت مطالبات من رؤساء البلديات المنحلة تحركوا وأجتمعوا وقرروا الاعتصام امام رئاسة الوزراء مطالبين بعودتهم الى تلك البلديات ، وكثرت الإجتماعات وتحرك الاعضاء وخاصة في أمانة عمان للمطالبة بعودتهم الى عضوية مجلس أمانة عمان في تحرك سريع ردا على سياسة الحكومة الحالية تجاه البلديات، وبإعتبار ان مطلبهم شرعي حسب نص الدستور الذي يقول بدعوة المجالس البلدية المنحلة الى ممارسة عملها اذا لم تجر الانتخابات خلال ستة شهور ، وبالرغم من انتهاء ولاية عملهم في البلديات بكامل مدتها القانونية وهي اربعة أعوام ولم تحل قبل تلك الفترة فلا نعرف فتوى الدستور بتلك الحاله ، وكيف يمكن للحكومة ان تخرج من هذا المأزق على غرار مأزق اجراء الانتخابات الفرعية لمحافظة الكرك عن المقعد الشاغر والمحدد في 27/12 هذا العام !
يقال أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، فقد شهدت معظم بلديات الاردن والكبيرة منها خاصة شبهات فساد مالي واستغلال المنصب للتكسيب ونفع الاقارب والمصلحة الشخصية ، ونذكر ان مطالبات الناس كانت تنحصر في حل مجلس النواب بعد ثقة ال 111 وحل البلديات لما شابها من فساد أوصل تلك المؤسسات الى الانهيار والتوقف عن تقديم الخدمات وحتى إمكانية تغطية رواتب موظفيها ، وفي امانة عمان تحديدا فقد ارتفعت اكثر واكثر أصوات المطالبين بحل مجلس الأمانه الذي يتشكل من قرابة 60 عضوا ( 27 منتخب و 27 معين و 6 كوتا نسائية ) بسبب ما اصاب المجلس من ترهل وفساد طالت بعض اعضائه الذين استغلوا الموقع لصالح قضايا شخصية ومنفعية وما أدته سياساتهم الى تعظيم عدد العاملين في الأمانة الى ضعفي حاجته وتوزيع أراض ومكاسب أخرى من اجل إرضائهم وكسب ودهم لتمرير مشاريع وموازنات الأمانه ، فوصلت أمانة عمان الى ما وصلت اليه من أوضاع مأساوية على مستوى الميزانية والنفقات والتعيينات التي بلغت ذروتها في عهد الأمين السابق ومن قبله وأضطرت فيها الأمانة الى الاقتراض و بيع أراض وبيع حصص في بنك الأسكان لمواجهة العجز في ميزانيتها .
اسوأ ما يمكن للحكومة اتخاذه من قرار هو إعادة اولئك الاعضاء والرؤساء الى مواقعهم لما تبقى من مدة لحين عقد الانتخابات القادمة ، والتي سيجدها البعض( وليس المجموع) باعتبار أن معظم البلديات تعاني من تحديات مالية كبيرة لا تلبي إمكاناتها تلبية احتياجات البلديات ، ولكن حين نتحدث عن المدن الكبرى وخاصة أمانة عمان الكبرى ، فإننا هنا نتحدث عن "طابور " الأعضاء القادم مرة أخرى الى المجلس محمّلا بطلبات التعيين وتغيير المسميات والدرجات والحصول على مكاسب لهم ولصالح المقربين وبما يمهد لهم الطريق لزيادة قاعدتهم الشعبية من أجل العودة مرة أخرى الى المجلس او التحضير لإنتخابات برلمانية كما فعل البعض منهم في المجلس السابق على حساب ما سينهلون منه من تلك البلديات التي قد تزداد أوضاعها سوءا خلال العام المتبقي للانتخابات ، وبالتالي يعود الترهل والمحسوبية والاسترضاء الى مقار تلك البلديات من جديد وتزداد معاناة البلديات وتصاب " بتشنجات " الوضع المالي في أحوالها ومقدراتها، ونبدأ من جديد الحديث عن تلك التجاوزات والمفاسد التي ارتحنا من ذكرها طوال الفترة السابقة .
منذ ان تم حل المجالس البلدية وجرى تعيين لجان مشرفة على إدارة تلك البلديات ، فان الأمور باتت أفضل وأحسن حالا وهي تعمل بصمت وبكل نزاهة بعيدة كل البعد عن تحقيق مصالحها الخاصة او تكسيب المقربين ولا يحملون اصلا اية طموحات العودة بإعتبارهم منتدبين من دوائر محددة لا علاقة لهم من قريب او بعيد بخطط وبرامج واهداف الاعضاء السابقين ، ولا يوجد لديهم طموحات التكسب والتظيف لأقاربهم ومعارفهم ، فالأمور تسير على ما يرام ولم نسمع اية ملاحظات تتعلق بتجاوزات هنا او هناك منذ ستة أشهر إلا ما ندر وبقضايا بسيطة يمكن تجاوزها ، وبالتالي فأن درء مفاسد بعض الأعضاء وإبعادهم عن تلك البلديات حتى لو خالفت الحكومة بذلك قاعدة قانونية حرصا على أوضاع تلك البلديات من عبث العابثين والاكتفاء باللجان المشرفة للفترة الباقية لهوأفضل بكثير من منافع وجود اولئك الاعضاء إن كان لهم أصلا منفعة بالعودة الى تلك المجالس .