الأزمات متداخلة والوضع مقلق

اخبار البلد - نعيش في هذه المرحلة الدقيقة ظروفاً صعبة وضاغطة في المجالات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية ناهيك عن السياسية.

ولا يمكن تجاهل ذلك بالانشغال بالشخصي عن العام وبالفردي عن المجتمعي، أياً كانت التوجهات أو التحليلات أو الآراء التي تتباين وتتقاطع بين المسؤولين أو بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية وأهل الرؤى الاقتصادية.

في كتاب التكليف الملكي للحكومة الحالية وجه جلالة الملك الحكومة إلى العمل في كل مؤسسات الدولة، بروح الفريق الواحد قولا وفعلا لتحقيق الانجاز المنشود للوطن والشعب وخدمة المواطن والتركيز على أن يسود القانون والعدالة والمساواة كل جهد وطني في هذا الظرف الاستثنائي مشيراً إلى أن الأردن اعتاد على مواجهة كل التحديات وتحويل الأزمات إلى فرص تخدم المصلحة العامة.

من هنا نقول أن العمل الوطني والمسؤولية العامة تقتضي عدم الركون إلى طريقة «الفزعه» أو نهج التجريب، إذ لا مكان لهما في هذا الوقت الذي يدعونا جميعا إلى مغادرة مواقع المناكفة و«اللعب على الحبال»، وتقديم العام على الخاص والموضوعي على الذاتي.

التنظير سهل والحلم مشروع والتطلعات مفتوحة، لكن دقة الظرف تستوجب العمل الهادئ المنهجي المدروس، والقيام بمبادرات لإشراك جميع الكفاءات والخبرات في تحمل المسؤولية الوطنية والنهوض بالواجب دون أي اعتبار لما هو شخصي.

هذا الكلام نسوقه لنشير إلى أن العمل العام لا يحتمل «الحرد» ولا البحث عن أمجاد شخصية أو الالتفات إلى أهداف «شعبوية».

كان التعديل الوزاري قبل أيام فرصة لرفد الحكومة بمزيد من الكفاءات والخبرات والقدرات الفاعلة. ومع احترامنا لكل الشخصيات العامة التي دخلت التشكيل الوزاري بالتعديل أو تلك التي غادرته فإن الحديث عن الأداء والاختصاص وليس عن الأشخاص، والأردن يزخر بأهل الكفاءة والخبرة والمعرفة الذين كانوا ولا يزالون يقدمون نماذج لذلك في عملهم داخل الوطن وخارجه.

الظروف القائمة تستدعي تكاتف الجميع داخل الحكومة وخارجها وتتطلب عملاً جماعياً مسؤولاً لرد التحديات وتعزيز المسيرة بالتخلي عن الأنانيات والمحاصصات التي أضرت كثيرا ببلدان شقيقة حولنا.

الجائحة الوبائية تزداد حدة وتودي يومياً بحياة العشرات وتصيب المئات ولا وقت أمامنا لغير العمل الجدي الدؤوب المستند إلى الخبرة والكفاءة والحس الوطني المسؤول من أجل الخروج من الأزمة التي تتعدد وجوهها ولكن أساسها هو المخاطر الصحية على حياة المواطن والمقيم وسلامة المجتمع.

ولابد من التخلي عن الهدر والنفقات غير الضرورية وحتى بعض المشاريع التي يمكن تأجيلها من أجل توفير الموارد لغايات أكثر أهمية وأشد ضرورة. ولعل التوجيهات الملكية ظلت تدق ناقوس الخطر وتنبهنا جميعا إلى الحاجة إلى التقشف في بعض النفقات لاستخدامها في مواقع أكثر حاجة.

لست هنا في معرض التفصيل ولكني أرى حرصاً أكيداً لدى الحكومة على استخدام كل الإمكانيات لدعم القطاعين الصحي والاقتصادي وخاصة ذوي الدخول المحدودة والمشاريع الصغيرة، وهذا يبشر بأننا نستطيع اجتياز الأزمات تدريجياً بالموازنة بين الحرص على صحة المواطنين والمقيمين وبين حاجة القطاع الاقتصادي بكل مؤسساته إلى العمل والإنتاج، وهي معادلة ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة. «وللحديث بقية"