وزير الاعلام السابق صالح القلاب : استهداف المعارضة للمخابرات بداية لاستهداف الدولة ككل
يعرف الحقيقة من لا يدرك أن الأردنيين بغالبيتهم يشعرون بخوف حقيقي وشديد على دولتهم وعلى بلدهم وعلى كيانهم ليس بسبب هذه المظاهرات المتواضعة عدداً وعدة ولا بسبب المطالب الإصلاحية المحقة في معظمها وإنما بسبب الاستهداف الذي تجاوز كل الحدود لرموز الدولة الأردنية ورموز سيادتها والتمادي في التطاول على هذه الرموز وهذا أمرٌ مستجِدٌّ ما كان له وجود أو على الأقل لم يصل إلى هذا المستوى المخيف والمرعب حقاً في أي يوم من الأيام لا في منتصف خمسينات القرن الماضي ولا في بدايات سبعيناته.
على رؤوس الأشهاد نقولها :إن هناك استهدافا واضحا , هو بالتأكيد ليس عفوياً ولا فقط من قبيل استجداء الشعبية الرخيصة, للمخابرات الأردنية الجهاز الذي هو العين الساهرة على أمن هذا البلد والذي لولاه ولولا يقظته وتميز أدائه ووطنيته ونزاهته لما استطاع أردني واحد أن ينام ولو لليلة واحدة وعلى مدار السنة ومدى الأعوام بدون كوابيس مفزعة ومخيفة وبدون سماع أصوات المتفجرات وصيحات ضحايا كواتم الصوت الوافدة عبر الحدود البعيدة والقريبة.
إنه ليس جرأة أن يُستَهْدَف هذا الجهاز ,الذي سينتقل استهدافه إن هو استمر على هذا النحو إلى قواتنا الأردنية المسلحة التي هي حصن بلدنا ودرعه وأجهزتنا الأمنية الأخرى, بسمعته ونزاهته وبدوره وبمكانته وان يصبح «مكسر عصا» لكل باحث عن شعبية رخيصة ولكل مُسْتَجْدٍ لرضا بعض القوى التي تصب جام غضبها على المخابرات الأردنية تحديداً لطعن هذه الدولة ,التي نشأت بين تقاطع السيوف والرماح وصمدت كل هذا الصمود البطولي على مدى تاريخ طويل من التآمر والمؤامرات, في قلبها بل هو استغلال بشع لكل هذا الرخاء الديموقراطي ولأجواء التسامح التي تعززت كثيراً في السنوات الأخيرة.. وهذا هو ما يشكل خطراً حقيقياً على هذه المسيرة الديموقراطية التي تنفرد بها دولتنا عن كل الدول المجاورة.
لم يعد استهداف المخابرات الأردنية ,عين الأردنيين الساهرة على وطن تزنره النيران من كل جانب وبقي الإرهاب يستهدفه كما كان يستهدفه قبل جريمة تشرين ثاني (نوفمبر) 2005, يقتصر على بعض قوى المعارضة التي بقيت تحظى بحماية الدولة وحماية هذا الجهاز على مدى سنوات طويلة وحتى الآن وعلى بعض الباحثين عن بطولات رخيصة بل هو وللأسف قد تجاوز هؤلاء كلهم إلى بعض مَنْ مِنْ المفترض أنهم يشغلون مواقع مسؤولية والذين عليهم أن يدركوا أنهم سيكونون أول من سيدفع الثمن إذا لا سمح الله تراجع هذا الجهاز أو أصابه وهن وأصبحت قبضته ضعيفة.
إنه على الذين يستهدفون هذا الجهاز ,إن بشكل منهجي وإن من قبيل ركوب أمواج هذه المرحلة, أن يحددوا بالضبط ما هي مآخذهم على المخابرات الأردنية التي ليس لديها ولا معتقل سياسي واحد ليس منذ أن بدأ موسم «الربيع العربي» وفقط بل منذ سنوات سابقة عديدة والتي هي أكثر أجهزة الدولة حماساً لنجاح التجربة الحزبية والتي يقتصر دورها على ما يسمى الدفاع الايجابي لمحاربة الإرهاب ومطاردته وملاحقته حتى في أفغانستان وبعض الدول المجاورة وحماية ليل الأردنيين من الكوابيس والأحلام المرعبة والمخيفة.
لا تكفي مجرد الشكوى العامة من تجاوزات المخابرات الأردنية والمطلوب هو تحديد هذه التجاوزات حتى لا يكون الهدف هو التشويه والتشويش من أجل ضرب الدولة في قلبها وهز الكيان الأردني من أساساته وهنا فإنه على هؤلاء الذين بادروا إلى استغلال الديموقراطية وأجواء التسامح السائدة كل هذا الاستغلال ليس البشع فقط وإنما الخطر أيضاً أن يعرفوا أن الدول الديموقراطية كلها وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وباقي ما تبقى من دول هذه المنظومة قد بادرت قبل كارثة الحادي عشر من أيلول «سبتمبر» 2001 وبعد ذلك إلى تعزيز أجهزتها الأمنية والى رصد موازنات مجزية وكبيرة لها وإلاّ لما استطاعت أن تحمي بلدانها وشعوبها وبعثاتها الدبلوماسية من هجمات «القاعدة» وتفرعاتها التي غدت بمثابة خلايا سرطانية منتشرة في العالم كله وهذا يجب أن ينطبق على الأردن أكثر من غيره لأنه مستهدف أكثر من غيره ولأنه لم يمضِ أسبوع واحد إلاّ وأحبطت مخابراتنا أكثر من محاولة لاختراق حدودنا بمتفجرات وقنابل وافدة والوصول إلى قلب عاصمتنا التي تنعم بفضل هذا الجهاز وبفضل أجهزتنا الأمنية الأخرى وقواتنا المسلحة بكل هذا الاستقرار وكل هذا الهدوء والسكينة.