خمسة قتلى ومئات الجرحى في ميدان التحرير وهتافات تدعو إلى إسقاط المشير

تحول ميدان التحرير، أمس، إلى ساحة معركة بين قوات الأمن المصري وآلاف المتظاهرين- معظمهم من مصابي الثورة - الذين أعلنوا اعتصامهم فى الميدان حتى تحقيق مطالب مليونية الجمعة الماضية، وأبرزها سرعة تسليم السلطة، وإلغاء وثيقة "السلمي".
 وقالت مصادر طبية مصرية إن خمسة معتصمين قتلوا في ميدان التحرير والاسكندرية وجرح 1368 آخرون، فيما قالت مصادر من الميدان إن الأعداد أكثر من ذلك، وأفاد أن وزير الثقافة المصري الدكتور عماد أبو غازي قدم استقالته احتجاجاً على قمع الشرطة للمتظاهرين، وذكرت الأنباء الواردة من القاهرة أن ألوف المعتصمين عادوا إلى ميدان التحرير ومدن الاسماعيلية والاسكندرية.
 وكانت قوات الشرطة والجيش قد استخدمت الهراوات والغاز المسيل للدموع وبنادق الرش لإخلاء ميدان التحرير بوسط القاهرة من آلاف المتظاهرين، حسبما قال مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية
ووقعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب والشرطة العسكرية التي اضطرت إلى الانسحاب إلى الشوارع المجاورة أمام المقاومة العنيفة للمتظاهرين، غير أن الوضع لم يتحسن بعد بحسب المراسلين.
وجددت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عصام شرف فى بيان رسمي أذاعه التلفزيون المصري التزامها بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، داعية أغلب القوى السياسية لمد يد العون إليها وإلى المجلس العسكرى للوصول إلى بر الأمان.
وأكد البيان أن التوتر المفتعل حاليا يستهدف تأجيل الانتخابات أو إلغاءها، وهو ما لن يحدث، مؤكدا على حق المواطنين في التظاهر السلمي بدون الإخلال بالأمن، ودعمها لوزارة الداخلية دعما كاملا.
وكانت اشتباكات متفرقة قد اندلعت أمس وخاصة قرب مبنى وزارة الداخلية القريب من ميدان التحرير التي ارتفع في سمائه دخان الغاز المسيل للدموع وانتشرت على أرضيته الأحجار والزجاجات.
كما خرج متظاهرون إلى الشوارع في مدينة الإسماعيلية حسبما ذكر مسؤول أمني.
وأقيمت مستشفيات ميدانية في المساجد قرب ميدان التحرير بينما تلقى المتظاهرون المساعدة الطبية للتعامل مع أعراض استنشاق الغاز المسيل للدموع ومن جراء الإصابات التي لحقت بهم بعد إطلاق قوات الأمن الرصاص المطاطي وطلقات بنادق الرش.
وهتف المتظاهرون بشعارات معادية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة بعد تنحي مبارك مطالبين برحيل المشير حسين طنطاوي الذي يشغل منصب وزير الدفاع منذ حكم مبارك والذي يرأس الأمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ووسط المتظاهرين رفع رجل لافتة مخضبة بالدماء. وقد أثارت هذه المواجهات المخاوف من إلغاء او تأجيل الانتخابات التشريعية، المقرر أن تبدأ في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي وتمتد على عدة أشهر، أو أن تتخللها حوادث وأعمال عنف دامية.
إلا أن اللواء محسن الفنجري أحد أعضاء المجلس العسكري أكد أن هذه الانتخابات التشريعية ستنظم في موعدها المحدد وأن السلطات قادرة على ضمان الأمن.
وقال الفنجري إن السلطات لن تذعن للمطالبات بإرجاء الانتخابات، مضيفا أن القوات المسلحة ووزارة الداخلية قادرتان على ضمان امن مراكز الاقتراع.
وكان العديد من الشخصيات السياسية البارزة والمفكرين بينهم محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أصدروا في وقت سابق بيانا يدعو إلى إرجاء الانتخابات التشريعية.
وتقدمت تلك الشخصيات بخريطة طريق انتقالية جديدة تصيغ بموجبها جمعية تأسيسية منتخبة دستورا ومن ثم تجرى انتخابات رئاسية تعقبها انتخابات مجلسي الشعب والشوري (البرلمان المصري).
ويقول الجيش إنه سيسلم السلطة بعد الانتخابات الرئاسية، التي لم يعلن بعد عن موعد لها.
وفي الخارج دعا وزيرا الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي والإيطالي جوليو ترسي دي سانتا اغاتا امس إلى الهدوء ووقف العنف في مصر.
وعاد المعتصمون إلى الميدان بهتافات مشابهة للهتافات التي ترددت في الأيام الأولى لثورة 25 يناير مع اختلاف الأسماء "مش هنمشي، طنطاوي يمشي"، "طنطاوي اتجنن". والشعار الأخير تردد، بالنسبة للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، عندما قامت مقاتلات سلاح الجو المصري بالتحليق فوق ميدان التحرير في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. غير أن الهتاف الذي رج ميدان التحرير والشوارع المحيطة به هو "الشعب يريد إسقاط المشير".
  إلى ذلك رفض سياسيون القوة المفرطة التى استخدمها الأمن ضد المتظاهرين أمس، فى ظل صمت المجلس العسكرى وحكومة شرف، مؤكدين أن الشعب أدرك ارتباك الحكومة وسوء إدارة المجلس العسكرى للمرحلة الانتقالية.
ووقعت 68 شخصية عامة و11 من شباب الثورة على خطاب إلى المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لمطالبته بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بصلاحيات كاملة وتضم شخصيات تعبر عن روح الثورة، فيما يظل المجلس العسكري، رئيساً وأعضاءً، فى أداء دورهم المؤقت بالمرحلة الانتقالية لممارسة مهام رئاسة الدولة.
وشدد الموقعون على البيان، ومن بينهم علاء عبدالمنعم وعبدالله السناوي وبهاء طاهر وحسن نافعة ومحمد أبو الغار وجورج إسحق ومحمد نور فرحات وهانى سرى الدين، وعبدالجليل مصطفى وعلاء الأسواني ووحيد حامد، على أن تتولى الحكومة مسؤوليتها لمرحلة انتقالية محدده سلفاً يتم فيها إنجار المهام الأساسية لإطلاق عملية إعادة بناء الدولة، وفي مقدمتها إعداد الدستور الجديد، من خلال جمعية تأسيسية تمثل كافة قوى وفئات الشعب يشكلها البرلمان المنتخب طبقاً للمعايير والآليات التى تتوافق عليها القوى السياسية.
واتفق الموقعون على أن تدير حكومة الانقاذ البلاد فى خلال الفترة الانتقالية، إلى حين الانتهاء من وضع الدستور والموافقة عليه، وتفعيل نصوصه لإعادة ترتيب أوضاع السلطات السياسية فى البلاد، وفى مقدمتها انتخاب رئيس الجمهورية بالكيفية والصلاحيات الواردة في الدستور، على أن تنتهى صلاحيات المجلس العسكرى بمجرد انتخاب رئيس الجمهورية.
ويلي انتخاب الرئيس إجراء الانتخابات التشريعية وفقا للدستور الجديد الذى سوف يحدد طبيعة تكوين المجلس التشريعي الجديد، بما في ذلك حسم قضايا مثل تمثيل العمال والفلاحين وكوتا المرأة، والأعضاء المعينين.
وشدد الموقعون على ضرورة إجراء حوار وطني شامل حول الوثيقة التى قدمها الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء تشترك فيه كل القوى السياسية والحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، للوصول إلى توافق وطني حقيقي حول المبادئ الأساسية للدستور المنشود لحماية الحريات الأساسية وديمقراطية النظام الجديد وحول المعايير العامة لاختيار أعضاء لجنة وضع الدستور لضمان تمثيل كافة فئات المجتمع وقواه السياسية، بجانب إعادة صياغة المادتين 9 ،10 من الوثيقة لضمان مدنية الدولة وعدم تسييس المؤسسة العسكرية.-(وكالات)