الواسطات

واسطات


قد نكون نحن الدولة الوحيدة التي يمكن فيها للمغترب والوافد ان يصنع فيها لنفسه أرضية وشبكة علاقات على مستوى رفيع جدا . يحتاجونهم للواسطات ، أنا لا اتكلم من فراغ ، فان امكنكم تفحصوا تلفون أي واحد منهم ، وستعرفون صدق ما اقول .

الجميل انهم يميزون تلك الواسطات ، قد تجد مثلا تلفون لمحمد أفندي ، وصايل بيه ، قد تجد احيانا تلفون مسجل تحت اسم "المعلم" ، ترى من يكون هذا المعلم ؟! ، الغشيم مثلي قد يظنه في بادئ الامر انه صاحب الشغل ، لكن يتبن فيما بعد انه تلفون شخصية مهمة جدا في المجتمع .

أمس وفي لحظة فضفضة مع صديق ، اخبرني بان هناك عامل وافد ، توسط لأجله لاتمام معاملة قانونية بكل معنى الكلمة ، واخبرني بان العامل قام بالاتصال مع محمد بيه والتوصية عليه، وبالطبع محمد بيه لم يقصر فتم تقليل ملح الروتين على المعاملة ومشت .

صديقي كان حزينا عندما اخبرني ، قال لي : كل أردنيتي واسمي ، لم يكونا كافيين للتغاضي عن روتين لا يقدم ولا يؤخر ، في انجاز معاملة سأرمي فيها بالادراج الى ان أموت ، بل كان لابد لوجود واسطة من واحد " مشم " .

وفي محاولة للتخفيف على صديقي وخلق جو مداعبة ، قلت له " بالله عليك احكي معاه واساله بعرف حدا في (...) ، أتصل صديقي به وساله ، وكان الرد ( ليا واحد مهم معرفة لو عاوز حكلمهولك ) ، أغلق صديقي الهاتف وقال لي " عاجبك " ؟!.

المسالة ليست اعجاب من عدمه ، المسالة اما نحن من اصبحنا مغتربين واما اننا ساهمنا في تصدير الواسطة على الصعيد العالمي .

في كلا الحالتين ، لا ننكر بان خلق فضاء خالي من الواسطات والمحسوبيات ، أمر مشابه لخلق مدينة أفلاطون الفاضلة .


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com