واقعية الخصاونة وخيارات العسعس مقابل واقعية الشارع وخياراته

اخبار البلد-

 
أقر مجلس النواب قانون الموازنة العامة دون عناء كبير بعد ان اعلن بشر الخصاونة للنواب "أنه لن يبيع المواطنين الوهم" في ظل جائحة كورونا التي باتت تتحكم بمسار النشاط الاقتصادي.

الرئيس رغم تأكيد أهمية الجانب الاقتصادي الا انه اكد التوجهات لتغليب الجانب الصحي على الاقتصادي بحسب محتوى خطابه العام، علما بأن الايام الاخيرة التي سبقت إقرار الموازنة العامة ارتفعت نسب الاصابة باضطراد لتبلغ نسبة الفحوص الإيجابية مساء اليوم الاحد 15.6% الأعلى منذ بدء الجائحة لتسجل البلاد اليوم ما يقارب الـ 4000 اصابة و11 وفاة، مؤكدة أن الموجة الثالثة من الوباء باتت حقيقة واقعة!

المخاوف من "كوفيد- 19" وواقعية الخصاونة المفرطة تُرجمت في ارقام الموازنة ونهجها المتبع؛ فوزير المالية العسعس أعلن أن خفض العجز المقدر بمليار و900 مليون دينار تقريبا أمر بعيد المنال؛ فإما ان يتم من خلال رفع الضرائب، او الاستغناء عن الموظفين، او تخفيض النفقات الرأسمالية، او التوقف عن سداد المديونية وخدمة الدين المقدرة بمليار ونصف المليار تقريبًا (مليار و450 مليون دينار).

إذن؛ فخيارات وزير المالية اتجهت نحو زيادة النفقات الرأسمالية، وتحويل التخفيضات الجمركية والضريبية الى حوافز، محتفظًا بقدر عال من التشاؤم من إمكانية تحقيق نمو، أو تجاوز الازمة الاقتصادية خلال العام الحالي.

تقرير الوزير محمد العسعس المعلن يُقابله خطة عمل بديلة متوقعة تُبقي الاعتماد على القروض والمنح والبرامج الأممية والاغاثية الممكن أن تظهر خلال العام الحالي كخيار غير معلن بوضوح؛ فالدبلوماسية الاردنية والخارجية ستنشط في تتبع ورصد المبادرات الأممية، والتفاعل معها؛ فهي خطة الدعم البديلة المتوقعة وغير المعلنة.

الواقعية لا تقتصر على عرض خيارات الحكومة، إذ يجب عرض خيارات المواطنين وواقعيتهم أيضًا؛ فالبلاد تعيش كسادا وركودا وانكماشا وكل ما يمكن تخيله من مصطلحات! وهذه هي الواقعية بعينها في نظر المواطن العادي؛ حيث الأسواق تعتمد الى حد كبير على جيش الموظفين البيروقراطيين ورواتبهم الشهرية للحفاظ على الأسواق قائمةً.

في حين تبقى المنح والمساعدات والقروض شريان حياة يتدفق في عروق بعض المشاريع الاستثمارية التي تحافظ على الحد الأدنى من عجلة الاقتصاد خلال العام الحالي، وهي خطة تبقى في حكم المجهول وعدم اليقين المتولد عن إدارة أمريكية جديدة، واتحاد أوروبي نشط، وفاعلية حكومية محلية في إدارة الأزمة.

الخلاصة -وبغض النظر عن الخطط والإجراءات- أن البلاد بتجاوزها الخط الأحمر للجنة الأوبئة (8 أو 9% فحوص إيجابية) مَعنية بعدم اللجوء الى إغلاقات قاتلة؛ فالحكومة تستطيع بواقعيتها المعلنة التخفيف من عواقب الموجة الثالثة دون اللجوء إلى إجراءات متطرفة، والاكتفاء بإلزام الطلبة بالتعليم الإلكتروني، وهو المقترح الواقعي الذي تجب مناقشته، وعدم التطرف بإجراءات أبعد من ذلك.

فالواقعية التي أبداها الخصاونة، وترجمها وزير المالية العسعس تتطلب الالتزام بخطة عمل إستراتيجية بعيدة عن الانفعال، مراعية واقعية الشارع؛ فعلى الرغم من ارتفاع الإصابات فإن الجهاز الصحي متماسك، والمواطنون لا يعانون من الهلع، ويبذلون جهدًا مضاعفًا للتكيف لا يقل أهمية عن الجهود التي تبذلها الحكومة، وهذه وقائع وحقائق تجب مراعاتها واحترامها أيضًا