زكي بني ارشيد vs . الأردن


ما أفضى به السيد زكي بني ارشيد مؤخرا في إطار ندوة "الإسلاميون والحكم" فيما يتعلق بحماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل وما قد أفضى به سابقا وعلى مدار سنين من تصريحات مماثلة, يدفعنا للتمعن بأسلوب المعارضة الإخوانية الذي ينتهجه بني رشيد لنسلّط عليه الضوء كي تتضح معالمه ونخلص لما يفيدنا.
يقول أن "زيارة" خالد مشعل للأردن قد تم تأخيرها لمدة ثلاثة أشهر من قبل الأجهزة الأمنية و "فشل" ذلك التأخير وكأنه يتشفى, وبحسب ما يقول أيضا أن الأردن متخوف من وجود حماس حتى لا تستقوي بذلك الوجود الحركة الإسلامية في الأردن.
الأجهزة الأمنية مهمتها في المقام الأول الحفاظ على أمن الوطن والمواطن ويتوقع منها أن تعمل وتمنع وتسمح وتحاسب بهدف حماية الوطن ودرء الخطر عنه وتنفيذا لواجبها الذي انشأت من أجله ، مضافا لذلك أن هذا النهج يتماشى ويتماهى تماما مع رغبة الأردنيين الذين استوعبوا الدروس والعبر من الأحداث الدموية والتقاطعات السياسية التي عايشوها وكانوا أول المتأثرين بها.
كما لا ننسى أن وجود "حماس" في الماضي كان به من الخطأ بحيث استدعى ذلك إعطاؤهم الفرصة ليختاروا بين أردنيتهم التي تحتم عليهم عدم الإنتساب لأي حزب او منظمة غير أردنيين وبين أن يرحلوا إذا هم ظلوا متمسكين بالخيار الثاني , وقد تم ما تم. فهذا الخطأ قد تم تصويبه باختيارهم المنفى. ولا يجوز لكائن من كان أن يختزل ويقزم القضية بأنها تنحصر بإبعاد مواطنين أردنيين عن وطنهم الأردن , فالحقيقة الجليّة هي أنهم هم أنفسهم فضلوا أن يعيشوا خارج "وطنهم" على التخلي عن انتمائهم لما هو غير أردني وليس هناك مانع من زيارة ذويهم كلما رغبوا بذلك.
جلّ تقديرنا لحركة "حماس" وتضحياتها والتي نختلف معها عند محاولة تجاوُز الخطوط الحمراء والتي تتلخص بمصلحة الأردن ونتفق معها بما يتعلق بالقضية الفلسطينية قضية كل العرب وليس الأردن منفردا. فقد تولدت الرغبة بل دفعتهم الحاجة للأردن عندما بدأت الشدائد تحيط بالنظام السوري ولا بد من إيجاد مقر أكثر أمنا.
على الرحب والسعة لكن بشروط تجعلنا نشعر بعدم التخوف والريبة وأن يكون الإطمئنان مصدر تريحيبنا واستضافتنا لهم وألا يقفزوا في الهواء معلّلين قفزهم ترجمة للمقاومة وكأن الخروج عن الثوابت الأردنية لا رادّ له دون اعتبار لكونهم ضيوف وعليهم مراعاة سياسة المضيف وعلاقاته وارتباطاته.
ويقول السيد بني ارشيد أن "الزيارة" تمثل "مصلحة أردنية" وحماس غير مضطرة أن تربطها علاقة مع الاردن وكأننا نحن من يسعى لهذه العلاقة. إذا لماذا هذه المطالبة المستمرة وهذا الإصرار على "الزيارة" ؟ وتبدو "هدفا" بل "مطلبا وطنيا" مطلوب منا الإستماتة دونه ؟ فحرصك وحرص حماس على مصلحة الأردن يمكن أن يمارسا أينما تواجدتم وليس فقط بالتواجد على أرض الأردن.
ألتردد بإتمام "الزيارة" أو "إفشالها" من قبل المخابرات يأتي على ضوء حسابات أمنية تخص الأردن. وما يعزز هذه الحسابات والتي لا عذر لأحد أن ينساها أو يتناساها وهي علاقة "حماس" مع إيران وما أدراك ماهي إيران وبالمحصلة علاقتها مع حزب الله وكلاهما لا يتمنون الخير للأردن. فخيرا فعلت المخابرات إن هي التي "أفشلت" الزيارة.
فعندما يتبنى السيد بني ارشيد هذا الموقف المتعنت فهو يصنع من نفسه معارضا وخصما غير مرحب به عند الدولة وعند الأردنيين. فالمناكفة وسياسة التصادم لابد وأن ينسجا وللأسف مع الزمن خيوطا من العداء وعدم الرضا مما سيؤدي إلى التصلب والتشنج وعدم قبول الآخر. فنقدُنا لنهج السيد بني ارشيد مفاده النصح والإعتدال وأن لا يرقى شئ على مصلحة الأردن والأردنيين ، ومصلحة الوطن خط أحمر شديد الحمرة والتساهل مع من يتخطاه يعتبر خيانة وهل هناك ما هو أبشع من الخيانة عندما تتعلق بالوطن خصوصا ؟
دافعنا فيما نقول الحرص على أردننا من أي عابث أو أي متسلق لتحقيق "أجندات" تخدم متربصين مغرضين لإيذاء الأردن والشواهد على ذلك كثيرة ، ولا أظنك يا سيد زكي من هؤلاء.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن.
والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com