ملف اللقاح والألف ميل

اخبار البلد ـ يزدحم الموجز الإعلامي الذي تصدره وزارة الصحة يومياً بإحصاءات فيروس كورونا المرتبطة بالإصابات والوفيات وحالات الشفاء، وغيرها من التفاصيل الدقيقة حول انتشار الوباء، إلا أن الموجز ما زال يفتقرلأهم جزئية في هذه المرحلة، وهي عدد اللقاحات المقدمة للمواطنين، وأين وصلنا في خطط توفير اللقاح، وكيف سنصل إلى النسبة التي نأمل بعدها خلق مناعة مجتمعية ضد الفيروس؟
نسبة الفحوص الإيجابية من إجمالي الفحوص اليومية لم تقل عن 6 % في الأيام الماضية، والأرقام عادت تشكل قلقاً مبرراً، وهناك حديث يُتداول حول سيناريوهات عودة الحظر بشكل أو بآخر، وهذا ما سيعيدنا خطوات إلى الوراء، في ظل وضع اقتصادي لم تعُد الكثرة من الناس تحتمله.
الجميع يدرك أن توزيع اللقاحات شابته مشاكل كثيرة تتعلق بعدالة التوزيع، وعدم وفاء بعض الشركات العالمية بتسليم المطاعيم حسب المتفق عليه، وهذا ما لا تتحمل مسؤوليته أي جهة حكومية، إلا أن الوضع في الأردن يشير إلى فجوة كبيرة بين ما هو متوقع وبين ما هو حاصل على الأرض، إذ أن عدد الأشخاص الذين تلقوا لقاح كورونا لم يصل بعدإلى عتبة 50 ألف شخص.
عدم توافر اللقاح برغم وجود بدائل لجأت إليها العديد من الدول مثل اللقاح الروسي والصيني يعزز فرضية أن القائمين على ملف توفير اللقاحات في بداية الجائحة وضعوا كل تركيزهم على شركات محددة، مع أن دولاً مثل روسيا والصين كانت منفتحة تماماً على توقيع اتفاقياتومذكرات تفاهم بخصوص توفير اللقاحات، وقد أثبتت التجربة أن هذه الدول كانت أكثر التزاماً، ووفرت المطاعيم التي تعهدت بها بكميات ضخمة للكثير من الدول حول العالم.
نسبة الفحوص الإيجابية لا تعكس مدى تفشي المرض في الأردن، وأي شخص في مجتمعنا عندما يحصي عدد الأشخاص الذين يعرفهم فقط ممن أصيبوا بالفيروس يعي تماماً أن النسبة الحقيقية أكبر بكثير من ذلك، لذا علينا التفكير جدياً بآليات تعاملنا مع الجائحة، والاعتراف بأن هناك دائماً حلقة مفقودة تؤثر في مجمل الوضع الوبائي ووسائل مواجهته.
وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات أكد في تصريح له أن نسبة عالية من المواطنين أصبحت لديهم مناعة طبيعية بسبب المرض أو تعرضهم للعدوى، وأن توفير اللقاح لـ3 ملايين شخص يعتبر كافياً لتحقيق الحصانة الطبيعية والحصانة الناتجة عن المطعوم، دون أن يشرح لنا متى وكيف سنصل إلى هذا الرقم في ظل الأرقام الحالية التي تشير إلى أننا ما زلنا في أول ميل من الألف ميل المطلوبة.
إبقاء الكرة في مرمى الالتزام المجتمعي والتلويح بعودة الحظر لن يوصلانا إلى نتيجة، فلو أن الالتزام دون اللقاح يفي بالغرض لوجدنا دولاً كثيرة تفرض ذلك بالقوة دون أن يرف لمسؤوليها جفن، فعلينا إذن أن نضع الأمور في نصابها،ونحدد هل كان المطلوب هو مناعة مجتمعية طبيعية، وأن الأمور تسير في هذا الاتجاه بشكل غير معلن، أو أن خطط توفير اللقاحات لم تكن بمستوى الحدث، وتم التعامل معها ضمن الآليات البيروقراطية المتعارف عليها؟ وفي كلتا الحالتين يحق للناس معرفة أي الاتجاهين أوصلنا إلى هذه النقطة.