حق المواطن العربي في شتم الحكومات!

اخبار البلد ـ المواطن العربي من أكثر مواطني الأرض عرضة للشتيمة من الحكام والحكومات.

كانت بداية الشتائم الرسمية بحقه حين ساعد الحكام العرب بدايات القرن الماضي على تنفيذ وعد بلفور، وشتمتنا الحكومات بعد أن خذلت المجاهدين والجندي والمقاتل العربي ومنعت عنه الأسلحة وانسحبت من المدن الرئيسية فسقطت فلسطين ونصف القدس، وأعادت الشتيمة من جديد حين خاضت حرب حزيران عبر الإذاعات فضاع ما تبقى من فلسطين والنصف الآخر من القدس فأصبحنا مضحكة شعوب الأرض!

وشتمتنا حين سيطرت على المؤسسة العسكرية ونفذت بإجمالي 124 انقلابا: 40 انقلابا منهم ناجحون، و83 فاشلون. وشتمتنا حين أسست جامعة الدول العربية التي لم تقدم للوطن العربي سوى بيانات مكررة بنفس الصيغة منذ 75 عاما فتحولت إلى جامعة للآثار والمحنطات والأنتيكات مثل "بابور الكاز"!

وواصلت شتمنا في مراحل لاحقة حتى وصلت إلى مرحلة الانحناء أمام الجنرال الإسرائيلي وفتح العواصم العربية للصهاينة. وأهدرت استقلالنا حين دخلت الجحر الأمريكي كـ"مضبوع"، وسمحت لدول ليست من المحيط العربي في تفتيت وتقسيم وطننا العربي الكبير.

وشتمتنا حين سيطر المقربون منها على المناصب والعقود وسرقة ثروات الأوطان، وشتمتنا حين حرمتنا من التعليم المجاني ومن التأمين الصحي، وسمحت لطبقة رجال الأعمال والمال الفاسدين بالاستحواذ على جميع مشاريع الدولة، وشتمتنا حين صادرت حرية التعبير ومارست التعذيب وإهدار قيمة الأحرار، واشترت الصحافة ووسائل الإعلام عبر وضع "زلمها" في تلك المؤسسات وكسر أقلام الأحرار.

وأيضًا حين جردتنا من إنسانيتنا ورفعت علينا الأسعار والضرائب واعتدت على رواتبنا ومصادر رزقنا وسرقت ميزانية الدولة للإنفاق على بطانتها، فتحول المواطن العربي إلى لاجئ أو مغترب أو مهاجر وراء الرزق أو الحرية .

وشتمتنا حين حولتنا إلى رعايا وجردتنا من حقوقنا، ورسخت بدهاء ومكر تقسيمنا إلى طوائف إثنيات عرقية ودينية وعشائر وقبائل وعائلات، ووضعتنا في مواجهة بعضنا البعض، حتى تستحوذ هي على السلطة القضائية والسلطة التشريعية (البرلمان) بالمزايا والأعطيات والمناصب.

وهي لا تخجل من المواطن أبدا حتى وهو يصارع مرض"كوفيد- 19" اللعين الذي سرق أحبابنا وضحكتنا وأرواحنا، فتواصل التهديد بالحظر وبأوامر الدفاع وقوانين الطوارئ وبمصادرة حق الطلاب بالتعلم على مقاعد الدراسة، وتواصل سياسات التعيين البغيضة، راتب أحدهم يعادل راتب 30 معلما أو جنديا أو ممرضا يشتاق إلى مغادرة الكمامة والملابس الواقية. ولا تنسى أبدا مواصلة الارتماء في الحضن الصهيوني .

وحين يحاول المواطن العربي المثخن بالجراح والندوب رد الشتيمة لها حتى وإن كانت شتيمة واحدة بكلمات غاية في اللباقة والكياسة، تفتح أمامه أبواب السجون وتختم على جبهته بالعمالة، وبأنه صاحب أجندات خارجية يفتقد للحس والانتماء الوطني ولا يقدر تضحياتها من أجل رفاهيته.

مع أن الشتيمة هي أقل ما يمكن فعله بحقها.