لاحترام امريكا.... هل يفعلها بايدن ؟

اخبار البلد - د . فوزي علي السمهوري


بلا شك شكل عهد ترامب من قيادته الولايات المتحدة الامريكية مرحلة فاصلة بين مرحلة تميزت بين إستقرار الاسس التي بنيت عليها امريكا وبين مرحلة عصفت بشكل كبير بهذه الأسس التي ساهمت مساهمة عظمى في إستقرار ووحدة الولايات المتحدة الامريكية جغرافيا وديموغرافيا بتنوعه القائمة على :

• نظام ديمقراطي يكفل تداول سلمي للسلطة إحتراما لإرادة الشعب الأمريكي .

• المواطنة وما تعنيه من مساواة بين المواطنين دونما اي تمييز مهما كان طابعه .

• الإلتزام والإحترام بميثاق الأمم المتحدة وبالقوانين والعهود الدولية وإن كان هذا شكليا .

عهد الرئيس بايدن :

أدرك الحزب الديمقراطي خطورة سياسة ترامب على :

--- الأمن والسلم الاجتماعي في الداخل الأمريكي .

--- تراجع النفوذ الأمريكي على الساحة العالمية والعزلة السياسية الأمريكية دوليا لعدم مراعاة مصالح حلفاءها بل وسعيها للإضرار بها ولسعيها تقويض النظام العالمي القائم ومحاولة فرض إستبداله بنظام دولي سادي يستند على نتائج التهديدات وشن الحروب العدوانية .

--- فقدان حلفاء امريكا التاريخيين " دول الاتحاد الاوربي واعضاء حلف الناتو " الثقة بإمكانية إستمرار الإرتباط بأمريكا كمظلة حمائية ودفاعية وأمنية مما دفعها للتخطيط لبناء مظلة أمنية ودفاعية بعيدا عن العنوان الأمريكي .

تحديات عهد بايدن :

إذن تمثل الأضرار الذي تسبب بها ترامب طوال سنوات عهده تحديا رئيسيا ليس لدى الرئيس بايدن وإدارته فحسب بل للحزبين الجمهوري و الديمقراطي عامة وللحزب الديمقراطي خاصة .

هنا يبرز تساؤل هل سينجح بايدن في ترميم وإصلاح ما دمره ترامب ؟ أم سيبقى أسيرا لسياسة إدارة الأزمات ومحاولة إحتواءها بديلا عن العمل على حل كافة القضايا التي لم تجد سبيلا لحلها على الصعيدين الداخلي والخارجي ؟

في هذا المقال ساقصر الحديث عن التحديات الخارجية بعنوانين أساسين كنموذجين للقياس على مدى توفر إرادة جادة للرئيس بايدن للعمل على إعادة الإعتبار لصورة الولايات المتحدة الأمريكية التي إتسمت بالسواد على إمتداد الساحة العالمية بإستثناء دولة الإستعمار " إسرائيل " التي لعبت دورا كبيرا عبر عملاءها في توريط الرئيس السابق ترامب المطرود من غالبية الشعب الأمريكي في إتباع نهج سياسي وإتخاذ قرارات لا تخدم المصالح الامريكية وتصب فقط في مصالح مجرم الحرب نتنياهو بما يمثله .

الأول : الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وأهدافها .

الثاني : الإزدواجية والقضية الفلسطينية مثالا ؟

الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وأهدافها :

المدقق والمتابع للسياسة الأمريكية والقرارات الصادرة عنها إبان عهد ترامب ومنها : --- قرارات الانسحاب من منظمات دولية .

--- الإنسحاب من مجلس حقوق الإنسان المنبثق عن الأمم المتحدة .

--- التعامل بعنجهية وبإستخدام السوط لتنفيذ سياسته ورغباته مع دول العالم بالرغم من كونها تتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة والعهود والإتفاقيات والقوانين الدولية في مسعى لتقويض النظام العالمي القائم بالرغم مما يعتريه من ظلم وإجحاف بحق دول العالم بغالبيته الساحقة ومن التحفظات على العديد من مضامينه وفي مقدمتها منح حق الفيتو للدول دائمة العضوية في مجلس الامن و حصر الصلاحيات التنفيذية بمجلس الأمن .

لذا فاننا نخلص إلى أنها لم تلتزم كما لم تحترم بضرورة الإيفاء بإلتزاماتها وتعهداتها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين من جهة وبالعمل على ضمان تنفيذ القرارات الدولية دون تحيز وإزدواجية من جهة اخرى إضطلاعا بواجباتها كدولة عضو في الأمم المتحدة اولا وكدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ثانيا .

الإزدواجية والقضية الفلسطينية مثالا :

كانت وستبقى القضية الفلسطينية نموذجا لنهج الإزدواجية التي تعاملت ولا زالت تتعامل معها دول دائمة العضوية بمجلس الأمن وبالأخص إبان أمريكا الترامبية النتنياهوية .

لم تنفك الإدارات الأمريكية المتعاقبة وخاصة إبان عهد الرئيس ترامب وإدارته عن دعم دولة الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي منذ إغتصابها فلسطين عام 1948 سياسيا وإقتصاديا وعسكريا إضافة إلى تمكينها الإفلات من المساءلة أمام المجتمع الدولي ولو على مستوى إصدار بيان يصدر عن مجلس الامن يندد ويستنكر الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وبوطنه التي تمثل إنتهاكا صارخا لمبادئ الأمم المتحدة وللقرارات والقوانين الدولية وذلك بفضل الفيتو الأمريكي الذي يعني تحد لارادة المجتمع الدولي المعبر عنها عبر قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة في إنحياز مطلق لكيان إستعماري عنصري ممعن في الإستخفاف بمؤسسة الأمم المتحدة ونظامها وأهدافها .

وعلى ضوء الأهداف التي أعلن عنها الرئيس بايدن بالعمل على :

--- إعادة الإحترام لأمريكا

--- إعادة الدور الامريكي بقيادة العالم .

--- إحترام الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان والتي تعني في المقام الأول تصفية الإستعمار وكفالة تمكين الشعوب من ممارسة حقها بتقرير المصير .

يبرز تساؤل هل ذلك يعني طي صفحة الإنحياز الأعمى والمطلق لسياسة تأبيد الإحتلال وإرتكاب الجرائم التي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية او ترقى لذلك ووضع حد حاسم ورادع لغطرسة وعنجهية قادة الكيان الإستعماري الإسرائيلي الرافضة لتنفيذ أي من القرارات الدولية الداعية لإنهاء الإحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 والتي يمثل مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره العدواني التوسعي العنصري رمزها ؟

وهل يعني ذلك إنعطافة حقيقية جادة في التعامل مع القضية الفلسطينية التي تمثل مرآة عاكسة لحقيقة توجه السياسة الأمريكي لإدارة الرئيس بايدن وفيما ستختلف عن سياسة ترامب التي عصفت بالاحترام العالمي بإمكانية الإنخراط الأمريكي في قضايا عالمية وعلى رأسها قضية الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين مستندة إلى مرجعية راسخة لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة ولمئات القرارات الصادرة عن مجلس الامن وعن الجمعية العامة دونما إنحياز ؟

هل سيشهد الشعب الفلسطيني خلال الأشهر القادمة جهودا أمريكية ضاغطة على دولة الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري لإرغامها الإمتثال لتنفيذ كافة كافة القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بدءا بالقرارات الداعية لإنهاء إحتلالها الجاثم على فلسطين منذ عام 1948 وكمقدمة لذلك إنهاء إحتلالها الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة العضو المراقب وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 69 / 17 لعام 2012 وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة الدولة العربية الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم تنفيذا للقرار رقم 194. 

هل سيفعل الرئيس بايدن ما عجز عنه اسلافه.... بالانتصار لحق الشعب الفلسطيني الأساس بالتحرر من نير الإستعمار وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة ؟

الحل بسيط.... رفع السوط في وجه سلطات الإحتلال الإسرائيلي. ... ووقف الإنحياز الأعمى. .. حتى تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2334. .. وفي ذلك حماية للأمن والسلم الدوليين.... ؟!