انقلاب «الغنوشي»: هل يَقبض «الإخوان» على «السلطة» في تونس؟
اخبار البلد - أن يقول راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي/الرئيس «المُزمن» لحركة النهضة (ذراع من أذرعة الأخوان المسلمين) للرئيس التونسي قيس سعيد: أن دورك «رمزي» وليس دوراً إنشائياً، يعني ضمن أمور أخرى أن قوى الثورة المضادة قد شرعَت في تنفيذ خطة إطاحة الرئيس التونسي المُنتخَب شعبياً وبأغلبية ساحقة. كرئيس جاء مِن صفوف الشعب, ولم يكن مقيماً في لندن (مربط خيل الإخوان) طوال سنين, مستفيداً ومُتمتعاً بريع معارضته نظام بن علي، وضيفاً دائماً على مُنتديات ومؤتمرات وبخاصة لوبيات ضغط مشبوهة, تدعم بلا حرج وفي شكل علني دولة الاحتلال الصهيوني وتعادي قضايا الأمتين العربية والإسلامية وبالذات القضية الفلسطينية.
وإذ من السابق لأوانه الحديث عن تجمّع قادر إطاحة الرئيس التونسي, الذي يتعرّض لحملة تشويه شعواء, من الذين ظنوا أن الرئيس الجالس في قصر قرطاج «طارئ» على السياسة, ولم يكن ذات يوم مُنخرطاً بشكل مباشر أو غير مباشر في اللعبة السياسية, بين قوى المعارضة على اختلاف تشكيلاتها ونظام بن علي البوليسي, خصوصاً انه رجل فقه دستوري وفقيه حقوقي، فإن من السذاجة الاعتقاد أن الغنوشي وشركاه سيكتفون بإطلاق التصريحات ويقفون عند تخومها، فيما يرفض سعيّد قبول التحوير/التعديل الوزاري الأخير, الذي فجَّر الأزمة الراهنة ودفع تحالف رئيس الحكومة المشيشي ورئيس البرلمان الغنوشي, إلى الغمز من قناة رئيس الجمهورية والزعم بأنه «ليس حُراً في رفض وقبول التحوير/التعديل» كون البرلمان منح هؤلاء (أحد عشر وزيراً) ثقته، ما يمنع الرئيس الوقوف أمام قرارات نواب الشعب.. رفضاً أو إعْتِراضاً.
المُدقِّق في تبريرات الغنوشي بشأن ملفات الفساد بقوله: «لا توجد تُهم مُثبتة تدين الوزراء الجُدد في حكومة المشيشي بالفساد، وأن تهمة الفساد حُكم يصدره القضاء, كون هذه الإتهامات مُجرد (مكائد) هدفها اسقاط التحوير». ثم يضيف «عشر سنوات غير كافية للقضاء على الفساد. وأن مَن يدرس تاريخ الثورات, يُدرك أن نجاح ثورة لا يعني قيام ازدهار وتقدّم (كذا).. ويمضي في حال إنكار وتنظير سقيمة, مُبرّراً تناقُض دور حركته/النهضة في ملف الفساد, بين رفض إلياس الفخفاخ (رئيس الحكومة السابق) وتزكية وزراء المشيشي:أن حكومة الفخفاخ سقطت بسبب تُهم الفساد (وما زالت) القضية بيد القضاء..وهو من سَيحكُم عليها.. أما حكومة المشيشي ــيستطرِد ـــ فاتُهِمَتْ بالفساد والبرلمان أجازهم, لأن تهمة الفساد أصبحت بدون ضوابط, ومن يُراد إسقاطه يُتّهم بالفساد».
هل اتضحت صورة الكيل «الاخواني» بألف مكيال ومكيال؟.. يُبرّرون كل تواطؤ ولا يتورعون الإستعانة بفتاوى ابن تيمية, لتبرير تقاربهم مع العدو الصهيوني وقبولهم احتلال القدس وأرض فلسطين.
تصريحات الغنوشي ومواقفه المُتحدية دور رئيس الجمهورية, ترفع منسوب الإستقطاب الذي باتت عليه تونس, خصوصاً اتساع الهوّة بين النهضة وشركائها وبين القوى السياسية والحزبية وخصوصاً الشعبية, الرافضة ديكتاتورية النهضة ومواقفها المراوغة واستعدادها إنزال أنصارها لقمع الاحتجاجات الشعبية, التي من ضمن شعاراتها تحدّي قوى الثورة المضادة التي يقودها الغنوشي, عبر تحجيم وتهميش دور رئيس الجمهورية لصالح نظام برلماني, فيما يُبدي إعجابا بنظام اردوغان «الرئاسي».