رؤية الملك الإصلاحية للعبور إلى المئوية الثانية

اخبار البلد ـ ربط الملك عبد الله الثاني بين نشأة الدولة الاردنية والتنمية السياسية في لقائه الصحفي مع وكالة الانباء الاردنية "بترا"، المنشورة تفاصيله الاحد الماضي، والذي أكد فيه تطوير الحياة السياسية، وتعزيز المشاركة السياسية في صنع القرار عبر إعادة النظر في قانون الانتخاب وقانون الادارة المحلية وقانون الاحزاب.

تصريحات الملك عبد الله جاءت منسجمة مع الأوراق الملكية التي نشرها قبل أعوام قليلة، وقدم فيها رؤيته للتطوير والتنمية السياسية في الاردن؛ فتصريحاته تعبير عن قناعة عميقة عبَّر عنها في اكثر من محفل، واكثر من مناسبة على مدى السنوات الماضية، غير أن ما ميز التصريحات الجديدة تزامنها مع الذكرى المئوية لنشاة الدولة وميلاد الملك عبد الله الـ 59، ومناسبة توليه سلطاته الدستورية قبل عشرين عامًا.

وعلى الرغم من الطبيعة الاستثنائية للحدث الذي أَطلق فيه الملك عبد الله الثاني تصريحاته حول المشاركة السياسية، فإن ما تم إنجازه على يد الحكومات المتعاقبة ما زال متواضعًا جدًّا في مجال التنمية السياسية؛ فالمئوية الأولى ما زالت أسيرة تجارب متعثرة ومناخ سياسي طارد، وضغوط اقتصادية واجتماعية متفاقمة.

ضغوطٌ فاقمها وباء "كورونا"، ومناخ سياسي عبر عنه بحل نقابة المعلمين، وتراجع الحياة السياسية، وفقدان الجمهور ثقته برموزها ومؤسساتها الشرعية؛ ما دفع الملك عبد الله الثاني في آخر لقاء جمعه برئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات ورئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز الى توكيد ضرورة إعادة ثقة المواطنين واحترامهم لمجلس الامة.

الأزمنة والأمكنة تقاربت في تصريحات الملك؛ إذ كثف في لقائه الاخير مع وكالة الانباء "بترا" الحديث عن مسيرة الاردن الطويلة في سطور قليلة احتلت مكانها في الصحف الاردنية، مثيرةً الكثير من الجدل والنقاش في الساحة السياسية والإعلامية؛ ذلك أن دعوة الملك إلى تطوير الحياة السياسية والقوانين الناظمة لها تصطدم ببيئة طاردة وغير مشجعة، مشابهة للبيئة الطاردة للاستثمار والتنمية الاقتصادية.

بيئةٌ تَحُول دون تفاعل القوى السياسية والنشطاء والمهتمين بالعمل السياسي العام مع تصريحات الملك على نحو إيجابي، وهو الأمر الذي بدا واضحًا من خلال رصد ردود الفعل التي ركزت على واقع البيئة السياسية في الاردن التي امتازت بالاحتقان خلال الاشهر القليلة الماضية.

ترجمة الرؤية الملكية وتحقيقها يحتاج الى تحسين البيئة السياسية والاقتصادية. بيئةٌ تتطلب حكومة ملتزمة بتحسين البيئة السياسية كأساس للحوار المجتعي والتطوير السياسي العملي، فهي عوائق عملية تقف حائلًا أمام تحقيق الرؤى التي عبَّر عنها الملك غير مرة، وفي اكثر من محفل ومحطة سياسية واقتصادية .

ختامًا..
الأمل بتنمية سياسية وتطوير حقيقي للحياة السياسية سيبقى قائمًا ما دام صانع القرار متمسكًا برؤيته التي تحتاج إلى حكومة ملتزمة ببرنامج عمل حقيقي، وولاية عامة تترجم الحراك والحوار السياسي الذي دعا إليه الملك عبد الله الثاني نحو مشروع نهضة وتطوير ينقلنا الى المئوية الثانية للدولة الاردنية.