إسرائيل وفزاعة الخطط الجاهزة لضرب إيران منذ عشرين عاما..

اخبار البلد ـ جولة متجددة من التهديدات المتبادلة بين تل أبيب وطهران بدأها رئيس الاركان الاسرائيلي أفيف كوخافي قبل عدة أيام حين أعلن نيته تجديد خطط عسكرية ضد ايران للتصدي لأنشطتها النووية. وكما هو معتاد ردت طهران بالتهديد والقدرة على صد أي هجوم، وإن اتسم ردّها هذه المرة بخلاف عن مرات سابقة ببعض من اللامبالاة وكأنها لا تريد أن تقع فريسة الاستفزازات الاسرائيلية . من الواضح أن هذه النغمة القديمة سنعود لسماعها كثيرا في الفترة المقبلة، فكلما بدا وأنّ هناك بوادر تقارب بين الولايات المتحدة وايران حول حل مسألة النووي الايراني تثور اسرائيل وتهدد وتتوعد وتخرج الخطط من الأدراج وتجددها وتلوح بتنفيذها.. ناهيك عن الهيستيريا في تضخيم الخطر الايراني وتهويل مسار البرنامج النووي وتشغيل ماكينة الاعلام بتصريحات نارية عن قرب المفاعلات الايرانية في التوصل لقنبلة نووية العام المقبل او العام الذي يليه .. حتى أصبحنا على يقين أن هذا هو العام الذي لن يأتي أبدا! فحملة الضغط القصوى التي تمارسها اسرائيل في الولايات المتحدة والعالم ضد إيران والتي تقود الى عقوبات اقتصادية قاسية تجعل من الصعب جدا أن تصل ايران الى المرحلة التكنولوجية اللازمة لتخصيب اليورانيوم .

خطط اسرائيل للهجوم على ايران موجودة منذ عشرين عاما . شارون وأولمرت وباراك ونتنياهو (وهذا الأخير خمس مرات) برعوا في أساليب الضغط على الولايات المتحدة في مسألة ايران الى حد الابتزاز..

في العام 2002 حين كانت عين إدارة بوش الابن على العراق، وصل وفد اسرائيلي رفيع المستوى الى واشنطن يتزعمه اريئيل شارون ليبلغ الادارة الامريكية أن اهتمام اسرائيل منصب على ايران وليس العراق وأن الخطر الاكبر الذي تواجهه اسرائيل هو مثلث أضلعه الفلسطينيين وحزب الله ورأسه ايران ، أطلق عليه شارون اسم "تكتل الارهاب". وحين رفضت الولايات المتحدة خيار الحل العسكري زادت حملة الضغط الاسرائيلية حتى تم إرضاء اسرائيل وتزويدها بقذائف أمريكية خاصة تخترق التحصينات يمكنها تدمير مواقع محصنة تحت الارض في العام 2006.

في عهد باراك أوباما كانت الاستراتيجية الامريكية لحل أزمة الملف النووي أحد أبرز أسباب التوتر بين واشنطن وتل أبيب، وعلى الرغم من تأكيد أمريكا المتواصل بالالتزام بأمن اسرائيل إلا أن هذا الامر لم يمنع بنيامين نتنياهو من خرق البروتوكول وتجاوز قيمة ومكانة البيت الابيض والقاء خطاب ناري ضد ايران في الكونجرس الجمهوري دون تنسيق مع اوباما وإدارته. ومع ذلك حظيت اسرائيل برزمة تعويضات وترضية إثر عقد الاتفاق النووي في العام 2015 لطمأنة مخاوفها الغير مبررة، تمثلت في مجموعة من طائرات إف 35 ومنظومات دفاعية لاعتراض الصواريخ، ودعم مالي لتطوير قدرات الجيش الاسرائيلي ومعداته من صواريخ ذكية ودبابات ورادارات ومدرعات ..

في العام 2018 انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ووهب تل ابيب فائض قوة ونفوذ لم تعهدها من قبل، فتبجحت وتجرّأت وباتت الضربات الاسرائيلية على معاقل ايران ووكلائها في سوريا خبراً عاديًّا في وسائل الاعلام...ناهيك عن اغتيال سليماني وفخري زادة .

ربما تكتسب التهديدات الاسرائيلية هذه المرة مخاوفاً مضاعفة لأن الظروف السياسية والجغرافية قد تغيرت: اسرائيل اصبحت عضو طبيعي في الشرق الأوسط بفعل ما يطلق عليه اتفاقات ابراهام ، ونتيجة لذلك تم نقلها من القيادة الأمريكية الاوروبية الى القيادة المركزية الامريكية التي تمثل القيادة العسكرية الامريكية للشرق الاوسط. وما يترتب عليه هذا الامر من وجودها المحتم والتنسيق معها في أية اتفاقات أو ترتيبات جديدة أو مواجهة التهديدات التي باتت "مشتركة" مع باقي دول المنطقة.

على وجه العموم .. لطالما كانت اسرائيل باب التشدد الامريكي ضد طهران، وتلميحها وتلويحها الدائمين بالخيار العسكري يأتي في سياق الضغط على واشنطن للابتزاز.. لكن السؤال هو ماذا ستفعل اسرائيل حول إمكانية التقارب بين طهران وجيرانها الخليجيين؟؟