عبد الحفيظ ابو قاعود يكتب : إصلاح النظام السوري من داخل النظام بعقد إجتماعي!


  • صحافي وناشط سياسي من الاردن

النظام العربي الاقليمي،الذي جاء نتاج ولادة عسيرة وقيصرية من رحم اتفاقية سايكس بيكو العدوانية والتأمرية المشئؤمة ؛ خرج من صلبه حكام دهاة من امثال الرئيس السوري حافظ الاسد ،الذي أسس لاستقرار سياسي ، وضيق الفجوة بين الثراء والفقر في سوريا ، وساهم في انقاذ الاردن من مؤامرة إمريكية اسرائيلية سورية لاقامة حكومة فلسطينية في عمان في ايلول العام 1970.

وبعدما تدخل الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز ملك العربية السعودية ، لدى الادارة الامريكية بطلب من الشهيد وصفي التل ،لانهاء توغل الجيش السوري في الاراضي الاردنية إبان احداث ايلول 970،في اطار المؤامرة الامريكية الاسرائيلية ،لاقامة حكومة فلسطينية في عمان في ايلول 970،حسب ما روى المرحوم ابراهيم الشريقي في العام 1991على هامش محاضرة له حول دورالاعلام الغربي في القضايا العربية في اتحاد الكتاب الاردنيين. حيث استجابت الادارة الامريكية لوساطة ألملك فيصل رحمه الله مقابل اربعة شروط ؛ نفذ منها ثلاثة شروط ورفض الرابع .

سلوكيات الرئيس الاسد الاب  كحاكم ، في سياساته الداخلية والخارجية وعلى أمتداد  حكمه  لم تشر الى الولاء المطلق الى الغرب كعميل في منظومة النظام العالمي القائم ، يمررالوصفات لخدمة المخططات الامبريالية والمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ، ولم يأخذ عليه الا انه ؛ حاكم عربي علماني في إطار حزب البعث العربي الاشتراكي ،وموقفه من قضية العرب المركزية/ فلسطين / لم يتبدل ولم يتغير.لا بل تصلب في احتضان المقاومة ومدها بمستلزمات الصمود والتصدي.

حجم المؤامرة على سوريا ، تتضح من صلابة موقفها في الانظمام الى محور المقاومة ،وتحالفه الاستراتيجي مع الجمهورية الاسلامية الايرانية،وتقديم الدعم اللوجستي للمقاومة العربية والاسلامية في لبنان وغزة .وعدم تقديم تسهيلات للولايات المتحدة الامريكية في المسألة العراقية لادامة الاحتلال فيهوبخاصة ضبط الحدود مع العراق ،وعدم الدخول في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل عبر الوسيط التركي.

وانه في حال انفكاك النظام السوري من هذا التحالف ،التي وصفته الادارة الامريكية بمحور الشر،وتسعى جاهدة لفكفكته من خلال "تحالف دولي " لمكافحة الارهاب خدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة .والدخول في معاهدة كامب ديفيد وملحقاتها ،والاعتراف بيهودية النظام الاسرائيلي في فلسطين المحتلة ، واقامة علاقات دبلوماسية معه ،تنتهي الحملة الاعلامية ، والمؤامرة الامريكية- الاوروبية الصهيونية على سوريا مقابل امن النظام !!!!!!!!!!!.

 لكن هناك " أدوارا مسندة " الى انظمة عربية  ذات "الوظيفة الاقليمية  " في إطار النظام العالمي القائم لخدمة المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ؛يتمثل في الدخول في  صراعات ومؤامرات ضد الانظمة ذات البعد القومي والوطني ، بهدف تشويه صورتها ، لانها لم تدخل بيت الطاعة الامريكي،ولم تعترف بشرعية الكيان الاسرائيلي وبيهوديته في فلسطين المحتلة منها النظام السوري.والنظام العراقي ، الذي اسقط باحتلال امريكي مباشر بحجج واهية ذات الحجج والادوات والتحالفات الدولية والاقليمية ،التي توجة للنظام السوري الان .

ومن هنا لا نستغرب حجم المؤامرة الامريكية- الاوروبية الصهيونية وعملاؤهم في المنطقة على على محور المقاومة العربي –الاسلامي ، ومن ضمنه التحريض الاعلامي الغربي الممنهج بقيادة الولايات المتحدة الامريكية على سوريا ونظامها الممانع .واستغلال موجات الاحتجاج الشعبي في سوريا لاصلاح النظام للتحول الى دولة مدنية ديمقراطية . لانه لم تدخل بيت الطاعة الامريكي خدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة .

اصلاح النظام في سوريا وغيرها من الانظمة العربية التي جاءت بولادة قيصرية من رحم سايكس بيكو ، ومخرجات المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ؛ يستوجب بالاساس ، اصلاح الدين من داخل الدين ؛ لان الاسلام بالاهمية بمكان وضرورة في قيام نهضة العرب في دورتها الثالثة في الحضارة الانسانية العالمية أولا، واصلاح الموروث المجتمعي ،الذي ساد في المجتمع العربي لزمن طويل ، والذي افرز الطواغيت والاستبداد والتوريت والدكتاريويات والتحالف مع الاجنبيلاقصاء الوطني ثانيا،هما ؛ مقدمة لاصلاح النظام في سوريا وغيرها ، وبخلاف ذلك نضع العربة امام الحصان ، وندور في حلقة مفرغة ،لاعادة تدوير الاستبداد والدكتاتوريات من جديد بثوب اخر مغلفة،  للوصول بالشعب العربي الى حالة نفسية يرتد بها على مبادئه السامية في العدل والمساواة ودولة المواطنة وسادة القانون ، ومن هنا نفهم كيف جاءت الحملة الاعلامية المنظمة من " فضائية الجزيرة " وشقيقاتها في منظومة الميليشات الاعلامية  والفضائية التي تتغذى على خراب دول محور المقاومة . بالتحريض على سوريا ونظامها المقاوم. والقائمون على فضائية " الجزيرة " من مسئولين واعلاميين هم وحدهم يتحملون تبعات التخريب الذي قد يحصل لسوريا الان ؛ من جراء الحملة الاعلامية الضالة والمضللة والمركزة والتحريض الممنهج على سوريا ونظامها السياسي المقاوم ،

إصلاح النظام في سوريا  من داخل النظام  هو ؛ المطلوب لبناء دولة مدنية ديمقراطية في زمن الربيع العربي لولوج مرحلة التناوب السلمي على السلطة في سوريا ،ومقدمة نحو دولة مدنية بإعتبارها ضرورة للنظام ذاته وللمجتمع السوري في ان واحد بالوسائل السلمية . وبخلاف ذلك الخراب والدمار.

النظام السوري ذاته منذ اربعين عاما ، الذي قاد حركته التصحيحية هو ذات النظام العلماني ، الذي يحكم سوريا ، باسم حزب البعث العربي الاشتراكي مع تحالفه مع ما يعرف بالجبهة القومية التقدمية في الداخل ، ومع جمهورية ايران الاسلامية وحزب الله في لبنان وحركة المقاومة الاسلامية / حماس في فلسطين المحتلة في الخارج .لم يتغير، ولم يبدل جلده وسياساته الداخلية والخارجية .

نعم ؛ لم نعثر حتى الان على وثيقة تدين الرئيس الاسد الاب بالعمالة للغرب ، لا بل إنه يتصف بالدهاء السياسي في القرن العشرين الذي اتصف به معاوية بن ابي سقيان في زمانه.في تجنيب سوريا الدخول في مؤامرة " كامب ديقيد ",في زمن القطب الاوحد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ،

هناك من يأخذ على الرئيس الاسد الاب الدموية في معالجة الاوضاع الداخلية خاصة في عقد الثمانيات من القرن الماضي ،والنظام الفئوي والطائفي . لكن القراءة التحليلية المعمقة لسلوكيات النظام السوري بعد الحركة التصحيحية في العام 1970،تشير الى ان الرئيس الاسد الاب بدهائه السياسي المعروف ،قد صحح مسار حزب البعث العربي الاشتراكي في مسألتين مهمتين هما :

-        الاستقرار السياسي والامني لسوريا دام اربعين عاما ،

-   تقليص الفجوة في الثروة بين العرب السوريين من خلال عدم الارتهان لمنظومة النظام الدولي القائم .

وهذان الانجازان كافيان لجب ما قبل السجل الدموي للنظام ان وجد.لان التاريخ العربي الاسلامي قد جب لشخصيات في الشرك ما قبل سجلها الدموي من امثال الفاروق عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ، الذي  هزم جيش الاسلام في غزوة احد ، واصبح سيف الله المسلول بعد اسلامه. 

الاستهداف الخارجي لسوريا جاء على خلفية الانضواء في محور المقاومة والممانعة ، وتقديم الدعم اللوجستي للمقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين المحتلة التي كان من انجازها الصمود الاسطوري لحزب الله في حرب تموز 2006 ،والصمود الاسطوري في حرب تدمير غزة 2008 -2009 ، بتحطيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر.

نعم ؛ النظام السوري بقيادة الرئيس الاسد الابن ، مطالب بالاصلاح العام من داخله ، لولوج مرحلة  التداول السلمي على السلطة ، لاستكمال مسيرة التصحيح التي بداها الرئيس الاسد الاب في العام 1970،والتحول الى دولة مدنية ديمقراطية عملاقة في عهد الرئيس الاسد الابن عبر عقد اجتماعي في دستور جديد لسوريا الكبرى .

حتى لا تتكرر التجربة التي مر بها النظام العراقي بقيادة صدام حسين من تدميرالبنى التحتية والفوقية الى اجل غير مسمى ، في المشهد العراقي والماثلة امامنا بتفاصيلها اليومية .وحتى لا تصل مكونات النسيج الاجتماعي في سوريا الى اتون الحرب الاهلية ،ومؤامرة التقسيم الى الى 6 امارات بشرت بها اسرائيل في اطار مشروع الشرق الاوسط الجديد ،الذي اطلقت سيناريوهات مؤامرته العدوانية "المستورة رايس " ، في عهد الرئيس الامريكي بوش الابن !!!!.وتستكمل حلقاتها العدوانية في عهد الرئيس الاوباما، وتطلق العنان لها " المستورة كلنتون" بإطلالتها اليومية عبر قنوات الفضاء المفتوح . " يمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين " .