مذكرات أم استعراض؟؟!!

أخبار البلد-

 
يبدو أننا دخلنا عصر المذكرات السياسية الشخصية مع سبق الإصرار والترصد في ظل مرحلة الكل يغني فيها على ليلاه،أو بلواه، لا فرق فلا حدود أو جمارك أو تصحيح للكلام أو محاسبة عليه، وهكذا صرنا في الأردن للأسف..

ثمة بعض يدعي خدمة الوطن، وخلفه مجموعة الهتيفة والمنافقين والسحيجة وأصحاب المصالح والاجندات، ومن كتب لهم تلك المذكرات، كل هؤلاء يقفون خلفهم ويطبلون ويزمرون لهم ويشيدون بقوتهم الخارقة وعقولهم الجبارة وبصماتهم العظيمة على ساحة هذا الوطن المبتلى.

شهدنا ومعظم ما نشهده هذه الأيام عجب العجاب، وخلال الفترة القريبة الماضية أصدر بعض الأحياء منهم مذكراتهم، وكذلك مذكرات الأموات من خلال ورثتهم يتحدثون عن إنجازاتهم للوطن والمواطن!! ونشكر الله على هذه الهبة التي منحنا إياها من استعراض للبطولات وهمية.

المستغرب والغريب أنهم يتحدثون عن الوطن والوطنية والإنجازات كأبطال (رحم الله وصفي وصدام وخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم من القادة الأردنيين والعرب والإسلاميين ، الذين لا نستطيع حصرهم في هذا المقال).

من حيث المبدأ مذكراتهم عبارة عن سواليف للتسلية تذكرنا بالأباء عندما يجمعون أبناءهم في ليلة برد قارص ليحدثونهم
عن قصص اغلبها من نسيج الخيال ليناموا أو ليخافوا.

في هذه المذكرات ولا استثني أحدا على رأي مظفر النواب يبررون دورهم في إنقاذ الوطن وبنائه وبناء اقتصاده، وحرقة دمهم واستعراض تعبهم وشقاهم لنصل إلى ما وصلنا اليه من رفاه ونعمة.
رحم الله ابراهيم طوقان وهو يقول:

وطنا يباع ويشترى وتصيح فليحيا الوطن

ولو كنت تبغي خيره لبذلت من دمك الثمن

ولقمت تضمد جرحه لو كنت من أهل الفطن

هكذا هم وهكذا نحن..

المضحك والمبكي في موضوع المذكرات أنها تباع بأسعار مرتفعة وعالية عن دون الكتب الأخرى وكأنها تحوي على نظريات واستراتيجيات وخطط بناء الدول و أصحابها، فعلا صناع قرار يرسمون مستقبل الوطن واجياله بصدق وأمان ووطنية!! ، وهنا نشير في هذا الصدد الى أن كتاب وصفي التل قضايا وطنية يباع بأقل من دينار مقارنة مع مذكرات الجهابذه.

نعم كانوا أبطالا في البيع والشراء والسمسرة في مقدرات الوطن وتجويع ابنائه وعقد الاتفاقيات التي يباع من خلالها الوطن والمواطن لمن يدفع أعلى سعر.

في عهد هؤلاء أصبح المواطن الاردني يجفف الشاي على الأقل مرتين لاعادة غليه من جديد (اي تدوير الشاي).

وحتى نكون منصفين وأن لا نهضم هؤلاء حقهم في خدمة الوطن، نؤكد لهم أن البطالة زادت في عهودهم وارتفع الفقر وتلاشت الطبقة الوسطى وغابت الاستراتيجيات والخطط لبناء دولة عصرية قوامها المواطن وعلمه والعدالة فيها للجميع.

قرأت تلك المذكرات التي أصدرها رؤوساء الوزراء وحزنت كثيرا لأنه لم يكن بأيديهم إلا أن يؤدوا دور الكومبارس في الوظيفة، وهذا واقعهم وليس تجني عليهم.
للأسف ما يتحدثون به كالنعامة التي غرست رأسها بالرمال واعتقدت أن لا أحد يرى عورتها ولكن في الواقع الجميع يرى ويشاهد ويقرأ ويسمع ولكن الحياة(هدت الحيل)، ولم يعد بمقدور المواطن أن يقول للاعور أعور بعينه وليس له وقتا لاضاعته في ظل جل وقته يبحث عن لقمة عيش (أي بمعنى صراع لأجل البقاء) وليس للمقارعة .

جميل جدا أن يتحدث الشريف عن الشرف، لكن من القبح أن تتحدث ... عن الشرف ، فبالتاكيد فاقد الشيء لا يعطيه