التجربة الحزبية في الأردن تراوح مكانها
أخبار البلد-
شهدت الأردن مطلع التسعينيات عودة للحياة الحزبية بعد انقطاعها ما يزيد على ثلاثين عاما وقد توقع المراقبون أن تكون نشطة مع الإطلالة القوية لبرلمان عام 1989م، ولكنها ورغم العدد الكبير للأحزاب التي تأسست أنذاك فقد ظلت حبيسة الأفكار التي طالت الناس نتيجة للنظرة النمطية للأحزاب بأنها مساحات للمعارضة التي كانت متامرة على الدولة في الخمسينيات، ومعاملة الدولة للأحزاب بعدها وكأنها في مستوى واحد فلم تفلح لا الأحزاب الوسطية الوطنية ولا حتى بعض أحزاب اليسار أو اليمين ممن لم تضع في أجندتها مطاولة الدولة ككيان سياسي، ومع الدعوات التي صدرت من الملك آنذاك « الحسين بن طلال رحمه الله « أو الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من قيام الأحزاب بالتوحد ضمن ثلاث مجموعات، إسلامية ووسطية ويسارية إلا أن تجربة التكتل لهذه التيارات قد فشلت وصار من الصعب أن تقوم هذه الأحزاب التنازل عن كبريائها الخاص والذي غالبا ما تكَون حول شخصية الأمين العام أو بعض مؤسسي الحزب مما جعل التجربة الحزبية برمتها تصل إلى طريق مسدود، وفي إطار متصل فقد كان العمل الحزبي غير مرحب به إذ لم يتجاوز عدد المنضوين في العمل الحزبي لا يتجاوز الاف المواطنين من نخب ثقافية وسياسية واجتماعية ومرد هذا لموقف الدولة ونمطية التعامل مع الأحزاب من قبل المؤسسات الأمنية والإجتماعية حيث لا يستطيع بعض مرشحي الأحزاب الكشف عن حقيقة إنتسابهم لأحزابهم وترك الأمر معومًا وبالعكس فأنهم يجدون في أنتسابهم لعشائرهم وتجمعاتهم السكانية ذو نفع أكبر لكسب مزيد من الأصوات.
لقد أثبتت وزارة التنمية السياسية فشلها في التسويق للعمل الحزبي بين المواطنين، ولم تستطع الوزارة الدخول إلى الجامعات والمدارس للعمل على إستقطاب عدد أكبر من الأعضاء في الأحزاب التي تناثرت كهيئات وفروع في المدن الكبيرة في المملكة حيث تضم بعض الأقارب والأصدقاء ممن تكسبوا من انتمائهم الحزبي وبقي اكثر من 95 % من سكان المملكة من البالغين والأردنيين وهي شروط للعمل الحزبي لا يهتمون لأي نشاط حزبي مما حرم أي إزدهار في التنمية الساسية والتي تقوم على التجربة الحزبية الناضجة.
وأيضا لم تستطع معظم الأحزاب من تقديم برامج ذات صبغة مقنعة عدا بعض الأحزاب الدينية كجبهة العمل الإسلامي وحزب الوسط الإسلامي وبعض أحزاب اليسار وقليل من الأحزاب الوطنية بينما لم تتعد بعض الأحزاب من تجاوز العدد.
وفي ظل هذا الواقع فقد الت التجربة الحزبية الأردنية الى واقع أصبحت فيه عائقا في التنمية السياسية في ظل قوانين إنتخاب لا تعمل على الدفع بها قدمًا حيث كان قانون الإنتخاب الأخير لا يقدم نوابًا حزبيين في مجلس النواب خصوصًا في المجلسين السادس عشر والسابع عشر ولم تلق الأصوات الداعية إلى تخصيص قوائم حزبية اذانا صاغية لدى المشرع في مجلس النواب والذي كان يميل إلى إعادته إلى المجلس بذات القانون الذي منع الأحزاب من القيام بواجبها كأداة سياسية تشريعية ورقابية ولم يُسمح إلا لقليل من الأحزاب التي نشطت، حيث لم تنجح في الوصول إلى القبة الا حزبين رئيسيين هما جبهة العمل الإسلامي وحزب الوسط الإسلامي بينما فشلت في الدورة الأخيرة أحزاب اليسار والأحزاب الوطنية التي استمالت بعض الأعضاء عند نجاحهم وهذه سياسة لم تنجح في الدفع بالعملية السياسية الى الامام.