الحكومة ومسألة تدخل الديوان والمخابرات
كالعادة, وفي مراحل معينة من عمر كل حكومة, تبدأ الشكاوى التي تقتصر على الهمس والأقاويل من وجود قوى رسمية وغير رسمية تعمل على إفشال الحكومة الجديدة وتوضع دائما دائرة المخابرات العامة, وبعض رموز الديوان الملكي على رأس قائمة من تُوَجّه لهم اصابع الاتهام بالسعي لإفشالها.
الحكاية متداولة وتتكرر وجزء كبير منها صحيح, فالتدخلات من المواقع الرسمية في تسيير أمور الدولة, وبالتحديد مسؤوليات السلطة التنفيذية موجودة, وكانت موجودة دائما على مر الحكومات, وهذا ما يعرفه ويعلم به كل متابع لشؤون الحياة العامة في البلاد. والسؤال هو: ما طبيعة هذه التدخلات في ادارة الشؤون العامة, هل هي دستورية أم لا?
استقلالية السلطة التنفيذية صاحبة الولاية العامة أي »الحكومة« مسألة يشدد عليها الدستور من مبدأ فصل السلطات. غير ان بناء مواد الدستور على ارض الواقع والنجاح في تطبيقها يعتمد على كفاءة الادارة الحكومية وقوتها التمثيلية وعلى ثقة الناس وعلى نضوج مؤسسات النقد والمساءلة في الدولة ابتداء من مجلس النواب ووسائل الاعلام انتهاء بالقضاء.
لو ان هذا حاصل فعلا في بلدنا, لما كانت هناك شكوى من تداخل الصلاحيات ولا يكون هذا الاجماع الوطني على ضرورة الاصلاح والانتقال الى مراحل جديدة من الديمقراطية. فالدعوة الشعبية بأن تمارس الحكومة جميع سلطاتها الدستورية من دون تدخلات هي تماما تشبه المطالب بانتخابات حرة ونزيهة تقود الى كتل نيابية تشكل فيها الاغلبية الحكومة. أي اننا كوطن ودولة وشعب نعيش مرحلة العبور الى مرحلة الفصل بين السلطات وفق مواد الدستور وهي مرحلة لم نصل اليها بعد.
الى ان نصل اليها, شخص رئيس الوزراء هو من يستطيع عبور المرحلة الانتقالية بأقل حجم من التدخلات, سواء من الديوان الملكي او من المخابرات العامة. وهذا يعتمد على اداء حكومته وبرامجها وقدرتها في اطفاء المشاكل وتقديم المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تُشيع الرضا والقبول بين الناس.
لا احد قادر على إفشال الحكومة غير اعمالها ومواقفها وقراراتها, ان سهولة تخليها عن واجباتها الدستورية هي التي تضعفها, ومن الظلم تحميل المخابرات العامة تهمة العمل على افشالها. فلم يعد خافيا ان تدخل الجهاز في الشؤون السياسية الداخلية يزداد عندما تترنح الحكومات ويظهر عجزها وترددها وتصبح سيرة فشلها على ألسنة الناس, ولقد شهدنا رؤساء حكومات استطاعوا ممارسة سلطتهم من أجل تغيير مدير المخابرات. اضافة إلى ان الجهاز الأمني لا يتربع عليه شخص يمتلك صلاحيات مطلقة لا يتغير كما في الدول الشمولية, فالمخابرات مؤسسة وطنية تخضع للتغيير والتبديل بما يواكب التغيير الحكومي وأحيانا أسرع, وذلك حسب المتغيرات في المشهد السياسي والامني الداخلي.
وعن تدخلات الديوان الملكي, فالرأي العام هو من يتوجه في عهد جميع الحكومات الى المطالبة بالتغيير, ويلح عليه, عندما يتبين فشل الحكومة في تنفيذ ما وعدت او تعهدت به من انجازات عند بداية تشكيلها, وهنا كان الملك في كل مرحلة يستجيب الى مطالب الرأي العام وهو ما يفسر سرعة تبديل وتغيير الحكومات.
لا اعتقد بأن الملك يكون مرتاحا في تغيير الحكومة كل عدة اشهر او عام, ولا اعتقد بأن المخابرات العامة ترى ان إفشال الحكومة ووضع العراقيل امامها وإثارة المشاكل في وجهها يخدم وظيفتها الاساسية في حماية الأمن والاستقرار.
الخلاصة مختلفة, قدرة وكفاءة الرئيس وحكومته هما اللتان ترسمان مستقبل وزارته ومصيرها. وهما اللتان تجعلان نسبة التدخلات في شؤونها محدودة او واسعة. وقد حان وقت الكف عن التذرع بأن العجز والفشل الحكومي ناجمان عن »التدخلات«. فمثل هذه التدخلات تصبح مطلبا شعبيا وضرورة وطنية عندما تتخلى الحكومة عن مسؤولياتها وتُفرّط بما هو دورها وواجباتها بذريعة وجود تدخلات. مثل هذه الذرائع هي تهرب من المسؤولية.
القضية الداخلية في البلد منذ سنوات, بعد ان تفاقمت مسألة »التدخلات« في عمل الحكومات, ناجمة اولا وأخيراً عن ضعف كفاءة وقدرة هذه الحكومات كرئيس وفريق وزاري في ان تقوم بمهامها الدستورية بكل حزم وكفاءة ومسؤولية.0
الحكاية متداولة وتتكرر وجزء كبير منها صحيح, فالتدخلات من المواقع الرسمية في تسيير أمور الدولة, وبالتحديد مسؤوليات السلطة التنفيذية موجودة, وكانت موجودة دائما على مر الحكومات, وهذا ما يعرفه ويعلم به كل متابع لشؤون الحياة العامة في البلاد. والسؤال هو: ما طبيعة هذه التدخلات في ادارة الشؤون العامة, هل هي دستورية أم لا?
استقلالية السلطة التنفيذية صاحبة الولاية العامة أي »الحكومة« مسألة يشدد عليها الدستور من مبدأ فصل السلطات. غير ان بناء مواد الدستور على ارض الواقع والنجاح في تطبيقها يعتمد على كفاءة الادارة الحكومية وقوتها التمثيلية وعلى ثقة الناس وعلى نضوج مؤسسات النقد والمساءلة في الدولة ابتداء من مجلس النواب ووسائل الاعلام انتهاء بالقضاء.
لو ان هذا حاصل فعلا في بلدنا, لما كانت هناك شكوى من تداخل الصلاحيات ولا يكون هذا الاجماع الوطني على ضرورة الاصلاح والانتقال الى مراحل جديدة من الديمقراطية. فالدعوة الشعبية بأن تمارس الحكومة جميع سلطاتها الدستورية من دون تدخلات هي تماما تشبه المطالب بانتخابات حرة ونزيهة تقود الى كتل نيابية تشكل فيها الاغلبية الحكومة. أي اننا كوطن ودولة وشعب نعيش مرحلة العبور الى مرحلة الفصل بين السلطات وفق مواد الدستور وهي مرحلة لم نصل اليها بعد.
الى ان نصل اليها, شخص رئيس الوزراء هو من يستطيع عبور المرحلة الانتقالية بأقل حجم من التدخلات, سواء من الديوان الملكي او من المخابرات العامة. وهذا يعتمد على اداء حكومته وبرامجها وقدرتها في اطفاء المشاكل وتقديم المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تُشيع الرضا والقبول بين الناس.
لا احد قادر على إفشال الحكومة غير اعمالها ومواقفها وقراراتها, ان سهولة تخليها عن واجباتها الدستورية هي التي تضعفها, ومن الظلم تحميل المخابرات العامة تهمة العمل على افشالها. فلم يعد خافيا ان تدخل الجهاز في الشؤون السياسية الداخلية يزداد عندما تترنح الحكومات ويظهر عجزها وترددها وتصبح سيرة فشلها على ألسنة الناس, ولقد شهدنا رؤساء حكومات استطاعوا ممارسة سلطتهم من أجل تغيير مدير المخابرات. اضافة إلى ان الجهاز الأمني لا يتربع عليه شخص يمتلك صلاحيات مطلقة لا يتغير كما في الدول الشمولية, فالمخابرات مؤسسة وطنية تخضع للتغيير والتبديل بما يواكب التغيير الحكومي وأحيانا أسرع, وذلك حسب المتغيرات في المشهد السياسي والامني الداخلي.
وعن تدخلات الديوان الملكي, فالرأي العام هو من يتوجه في عهد جميع الحكومات الى المطالبة بالتغيير, ويلح عليه, عندما يتبين فشل الحكومة في تنفيذ ما وعدت او تعهدت به من انجازات عند بداية تشكيلها, وهنا كان الملك في كل مرحلة يستجيب الى مطالب الرأي العام وهو ما يفسر سرعة تبديل وتغيير الحكومات.
لا اعتقد بأن الملك يكون مرتاحا في تغيير الحكومة كل عدة اشهر او عام, ولا اعتقد بأن المخابرات العامة ترى ان إفشال الحكومة ووضع العراقيل امامها وإثارة المشاكل في وجهها يخدم وظيفتها الاساسية في حماية الأمن والاستقرار.
الخلاصة مختلفة, قدرة وكفاءة الرئيس وحكومته هما اللتان ترسمان مستقبل وزارته ومصيرها. وهما اللتان تجعلان نسبة التدخلات في شؤونها محدودة او واسعة. وقد حان وقت الكف عن التذرع بأن العجز والفشل الحكومي ناجمان عن »التدخلات«. فمثل هذه التدخلات تصبح مطلبا شعبيا وضرورة وطنية عندما تتخلى الحكومة عن مسؤولياتها وتُفرّط بما هو دورها وواجباتها بذريعة وجود تدخلات. مثل هذه الذرائع هي تهرب من المسؤولية.
القضية الداخلية في البلد منذ سنوات, بعد ان تفاقمت مسألة »التدخلات« في عمل الحكومات, ناجمة اولا وأخيراً عن ضعف كفاءة وقدرة هذه الحكومات كرئيس وفريق وزاري في ان تقوم بمهامها الدستورية بكل حزم وكفاءة ومسؤولية.0