هل سيتخلى العالم عن الدولار؟


اخبار البلد - تسعى الصين اليوم أكثر من أي وقت مضى لإصدار الدولار الأصفر (اليوان المغطى بالذهب)، فهل ستسمح لها الولايات المتحدة بذلك؟ إن الابتعاد عن قاعدة الذهب جعل أميركا قوة مالية وعسكرية واقتصادية وسياسية لأنها تقترض من العالم بالدولار الأميركي وهو ما أعطاها ميزة نسبية لأنها تطبع دون أن تخشى السداد كما انها لا تخشى سعر صرف الدولار مقابل غيره من العملات خاصة وأن التجارة العالمية تتم في الغالب بالدولار ناهيك بتقييم السلع والمعادن الرئيس والنفيسة بالعالم بالدولار الأميركي.
 
ما تفكر به الدول الكبرى مثل الصين هو سحب الدولار الأميركي أو استبداله بعملة رئيسة عالمية في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة لأنه طالما كان الدولار عملة مطلوبة عالمياً للتجارة وما دام هناك زيادة في الطلب العالمي على هذه العملة الصعبة فإن جهود الصين في الحرب التجارية لن تكون سهلة في كسب معركة الأسواق. فالصين وغيرها من الدول التي تسعى إلى عملة جديدة مغطاة بالذهب يكون لها تأثير كبير في المعاملات الدولية الاقراضية والاقتراضية. وهذا ما سيحد من نفوذ البنوك الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات التمويلية العالمية. لذلك نرى مفاوضات شائكة عالمية من وراء الستار.
 
إن حرب العملات هي التي ستسود في المستقبل القريب ما يسفر عن تأسيس نواة لبنك دولي يتعامل بالذهب فقط حيث يتم شراء الذهب منه وايداع الأرصدة الذهبية فيه وهذا ما سيغير جيوبوليتيك العالم سياسياً واقتصادياً ومالياً وعسكرياً لأنه سيؤثر على طبيعة التحالفات التي كانت في معظمها مبنية على قاعدة الدولار. فالدول الحليفة لواشنطن ربطت ومنذ مدة ليست ببسيطة اقتصاداتها وعملاتها بالدولار الأميركي، وبالتالي فلا يمكن لها أن تفك هذا الارتباط لأن قراراً كهذا لا بد أن يكون سياسياً أولاً لأنه سيؤثر سلباً أو إيجاباً على سعر صرف العملات المحلية ما قد تخسر الكثير من قيمتها الحقيقية، وبالتالي يُفقد الدول الحليفة نسبة كبيرة من قيمة اقتصاداتها وأرصدتها الخارجية المقومة بالدولار بل قد يضعف أو يهز قيمة العملات المحلية ويفقدها ما بين ٣٥-٧٠ بالمائة من قيمتها.
 
لذلك كان اقتراح الصين في العام ٢٠١٥ اطلاق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية من أجل سحب البساط من تحت أقدام واشنطن وتوفير مظلة للدول الحليفة لواشنطن وغيرها للانضمام إلى تلك البنوك التي ترعاها الصين. كل ما تقوم به الصين اليوم هو لكبح نفوذ الولايات المتحدة في العالم وتحديداً في آسيا والمحيط الهادئ. وقد بدأت الصين فعلياً بسياسة الإقراض للدول النامية وفي نهاية العام ٢٠١٩ وصل إجمالي القروض الصينية لتلك الدول إلى عتبة ٣٥٠ مليار دولار أميركي، وهي مديونية قد لا تستطيع الدول النامية سدادها في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم.
 
في الختام، فإن الصراع الأميركي الصيني هو على زعامة الدولار الأميركي (الأخضر) أو الدولار الأصفر للعالم واستغلال البنوك التنموية الكبيرة التابعة لكل منهما في السيطرة على العالم، فكيف ستجري الرياح في العالم هذا العام؟ هل ستخدم المصالح الأميركية أم أنها ستخدم المصالح الصينية؟