عن الجدل المحتدم بين فتح و«أرمَلة» عرفات

 

عكس رد حركة فتح على أرملة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات, حجم الغضب الذي استبدّ بقادة الحركة, تجاه السيدة التي عادت الى الاضواء بعد طول احتجاب, أقرب الى العزلة منه الى الزهد في وراثة «سياسية» لعرفات, وهي لم تُشاركه يوماً آراءه السياسية, او كانت صاحبة باع في السياسة والتنظير, بل اكتفت باللقب واستثمرته على نحو حذِر, خشية غضب «الختيار», الذي لم يكن ليرضى ان تكون سكرتيرته السابقة ذات شأن او حضور في مساره وسيرته.

ما علينا..
وبصرف النظر عن التعاطف مع بيان فتح من عدمه, فإنه حفل بكثير من الغمزات والتلميحات بل تصفية حسابات، ما أضعف البيان العتيد الذي حاول أصحابه دفع السيدة الارملة الى الصمت, والإكتفاء بما حقّقته لنفسها من «امجاد» بعد اقترانها بعرفات, خاصة انه (البيان) بدا للوهلة الاولى وكأنه مُحاولة لكبح الأرملة عن المضي قدماً في تبرئة العدو الاسرائيلي من دم عرفات, عبر تحليلاتها الركيكة والباعثة على الشفقة من سوء تقديرها وسذاجتها المتناهية ان كان للسذاجة نهاية او قاع, عندما قالت لصحيفة يديعوت احرونوت أول أيام العام الجديد (ولم تك? صدفة نشر الصحيفة الاسرائيلية المقابلة في الذكرى 56 لانطلاقة الثورة الفلسطينية التي قادها ياسر عرفات).. «الجميع يَعتقد أن إسرائيل مُذنبة.. لكنني لم اتهمها. مضيفة في استذكاء مُتهافت: «قُلتُ دائماً» انه سهل جدا القول اسرائيل..لكنني «واصَلتْ» لا اعتقد أن الإسرائيليين قتلوا عرفات لاننا (جيرانهم)...ولو كانوا مُذنبين – استطردت لا فُض فُوهها – لكُنّا انتقمنا منهم بذلك على مر السنين.. كلهم «أضافت سهى الطويل» اتّهَموا وانا فَكّرتْ.. أي دليل لكم أن إسرائيل هي المسؤولة».. أنهتْ السيدة الارملة دفاعها عن اسرائيل.
 
ليس مهما وسياق المقابلة الخطيرة نشر في ملحق يديعوت الأسبوعي «شيفع يميم» المقروء كَملحق اسبوعي غني بالمواد المُتنوعة, للصحيفة الأكثر توزيعاً في دولة العدو (بعد صحيفة «إسرائيل اليوم» التي توزع مجاناً وتروج لليكود ونتانياهو).
 
نقول: ليس مهماً محاولة السيدة التنصل من اقوالها, او الزعم انه جرى تحويرها, وكثير مما نعرفه عن محاولات سوق الذرائع وتحميل المسؤولية للصحيفة, ونحسب ان يديعوت تمتلك تسجيلا كاملا بصوتها وصورتها ولن تتردد في نشرها, لكنها ستُحجم عن ذلك, ما دامت «المعركة» بدأت ولن تنتهي بين فتح وأرملة الزعيم, التي بدت مصطفة أو منحازة لتيار مُنشق عن «فتح», يستعد لأخذ دوره المرسوم بعناية دولياً وخصوصاً إقليمياً, متى بدأ تنفيذ سيناريو «البديل الفلسطيني», في حال اخذت التطورات الدراماتيكية التي بدأت الصيف الماضي, زخماً جديداً في عهد ب?يدن.
 
في السطر الاخير.. فشلت السيدة الارملة بـ«تثبيت» دور لها في المعادلة الفلسطينية المُنتظرَة وباتت منبوذة, ليست فقط لِمنحها العدو صك براءة من دم عرفات, بل أيضاً لأنها لم تكنْ ذات يوم «أُمثولة» لنضال المرأة الفلسطينية, وكانت على الدوام طُفيلية وأرستقراطية, تقتات على «ريع» عرفات.
 
يبقى أن تقف «فتح» عند تصريحات ارملة عرفات, ولا تذهب بعيدا في تحميلها اكثر مما تحتمل لتصفية حساباتها مع خصومها/مُنافسيها.