“حدودة” حظر الجمعة!
اخبار البلد - لا يمكن إقناع أي أردني اليوم، بأن الحظر المفروض يوم الجمعة في جميع أنحاء المملكة قد شكل نقلة نوعية في مواجهة انتشار فيروس كورونا، أو أنه ساهم في تخفيض أعداد الإصابات، فهذا أمر لم يثبت لا طبيا ولا حتى رياضيا.
وعلى العكس من ذلك، فإن هذا الحظر قد أتى على قطاعات عديدة تأثرت سلبا به، وعلى رأسها السياحة الداخلية، فوضع الفنادق، على سبيل المثال، مؤلم جدا، وقد طالعنا تقرير منذ يومين يتحدث عن أن الحجز في هذه الفنادق خلال فترة أعياد الميلاد كان الأسوأ على الإطلاق.
لكن، ومع إدراك الحكومة لحقيقة أن قرار فرض حظر الجمعة كان شكليا ولا يحقق فائدة صحية حقيقية، إلا أنها تمسكت به انطلاقا من إعلانها المسبق بأنه سيستمر حتى نهاية العام الحالي. أحد الوزراء لم يتوان عن البوح لي بأن الحكومة مصرة على هذا الحظر، فقط، لأنها تريد أن تلتزم بكلمتها. قد نحترم هذا الالتزام، ولكن ينبغي التأكيد على أنه لا يحقق المصلحة العامة!!
وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة علي العايد، قال الجمعة، إن الحكومة ستعلن عن إجراءات تخفيفية متدرجة، منها النظر بقرار مواعيد الحظر الشامل خلال أيام. لا شك أن هذا أمر غاية في الأهمية، إذ من الضروري على الحكومة أن تعلن إجراءاتها قبيل انتهاء العام الحالي، فهو الموعد المحدد منها مسبقا.
لكن، هل الأردنيون ينتظرون قرارا بشأن يوم الجمعة فقط؟ وماذا عن الحظر الجزئي الذي يبدأ من الساعة التاسعة مساء للقطاعات التجارية ومن العاشرة للمواطنين، ألا يحتاج أيضا إلى إجراءات تخفيفية كي تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي، مع الاستمرار في تشديد الإجراءات الرقابية على المنشآت كافة، والتأكد من الالتزام بطرق الوقاية والسلامة العامة.
وماذا عن المدارس؟ يربط وزير التربية والتعليم، دائما، إعادة النظر بقرار التعليم عن بعد بـ”الحالة الوبائية”. إنها علاقة طردية بديهية تلك التي يتحدث عنها الوزير، فكلما تسطح المنحنى الوبائي ازدادت فرص العودة إلى التعليم الوجاهي في المدارس والجامعات، لكن هل تعجز الحكومة عن تقديم حلول أخرى، وهل لنا أن نعرف ما هو المعيار الذي تراه مناسبا من أجل السماح للطلبة بالالتحاق بمدارسهم! إنها مسألة حيوية بالنسبة لجميع الأردنيين، فلماذا لا نتحدث بلغة الأرقام بهذا السياق!.
هل سيكون التعليم وجاهيا في المدارس خلال الفصل المقبل لطلبة الصفوف الأولى، أم للجميع، وماذا عن الجامعات، وماذا عن طلبة التوجيهي؟ هي أسئلة ملحة، وينبغي أن لا يتم تأخير إجاباتها أكثر من ذلك، فهناك مواطنون تواقون لمعرفة مسار حياتهم خلال المرحلة المقبلة.
في الجانب الآخر من المعادلة، هناك مجلس النواب، والذي يقف اليوم متأهبا لإثبات نفسه بشخوصه الجدد عبر لعب دور تشاركي مع الحكومة بهذا الجانب، لكي يبني جسور ثقة جديدة بينه وبين الشارع، وليس مسموحا له أن يقف صامتا تجاه قرارات مصيرية تمس المواطنين في اقتصادهم وحياتهم المعيشية، وتمس أيضا جيل الأردن القادم الذي نواصل فقدانه يوما بعد يوم جراء التعليم عن بعد.
على مجلس النواب أن يلعب دورا في هذا السياق، وأن لا يترك جميع خيوط اللعبة في يد الحكومة، والأهم، أن يجبر الحكومة على أن تقدم إجابات واضحة وحازمة على جميع الأسئلة التي يطرحها الأردنيون اليوم، كما ينبغي أن تكون الإجابات والقرارات خالصة للمصلحة العامة.