دعم الروح الريادية في المشروعات الصغيرة

تنبع فكرة المشروعات الميكروية والصغيرة والمتوسطة أصلا عند عدد لا بأس به من الشباب انطلاقا من الروح الريادية والابداعية لدى الكثير منهم، وناجمة أيضا عند شريحة أخرى واسعة لدى الشباب من شح فرص العمل في القطاعين العام والخاص الامر الذي دفع بهم لتأسيس مشاريعهم الخاصة في مناطق سكناهم. ونظرا لظروف جائحة فيروس كورونا19 المستجد الصعبة فقد تفاقمت حجم التحديات والصعوبات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاردن.
وتمثلت أبرز تحدياتها في نقص التمويلات الموجهة من البنوك التجارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث لم تتجاوز نسبة 8 % طوال السنوات العشر الماضية، اضافة الى ضعف رؤوس أموال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وارتفاع تكلفة تأسيس المشروع. لذلك بدأنا نرى بأم أعيننا خروج الكثير منها من السوق.
ولدى التمعن في أسباب ذلك نجد أن تدهور التدفقات النقدية الناجمة عن الاغلاقات هي العامل الرئيسي الاول بالرغم من البرامج والمبادرات التي ظهرت خلال فترة الجائحة. كما أن قلة خبرة صاحب المشروع وارتفاع إيجارات المكاتب والمحلات التجارية ووجود بيئة تنافسية قوية، حيث توجد به شركات لديها قدرات مالية كبيرة وخبرة إدارية وأساليب تسويقية فعّال، ساهمت مع قلة الدعم الحقيقي الذي تلقته من مختلف الاطراف في خروج الكثير منها من السوق المحلي.
وتكمن أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في السنوات الاخيرة في أنها تمثل اليوم أهم مكونات الاقتصاد العالمي، أو ما يقرب من الـ95 ٪ المشاريع الانتاجية في دول العالم، ويعمل بها حوالي 60 ٪ من مجموع الأيدي العاملة في الاقتصاد العالمي، وحسب مؤسسة التمويل الدولية (IFC) فإنها تسهم بحدود 33 ٪ من الناتج الإجمالي للدول النامية، وكذلك توظف 45 ٪ من الأيدي العاملة لديها، بينما هذه الأرقام تتغير في الدول المتقدمة، فنجد أنها تسهم بما يقرب 64 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف حوالي 62 ٪ من مجموع الأيدي العاملة في اقتصاداتها .
وعلى صعيد الدول والاقاليم، بلغت نسبتها 90 % من المنشآت الاقتصادية في السوق السعودي، و96 % في جمهورية مصر العربية، ونسبة 97 % في الهند، ونسبة 90 % في أميركا، وما بين 85 – 90 % في أوروبا، ونسبة 71 % في اليابان، وما نسبته 98 % من اجمالي المنشآت في الأردن. ووفقاً للإحصاءات المتوفرة نجد أن 8 % من إجمالي الائتمان المصرفي موجه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما تصل النسبة في الأسواق الناشئة الى نحو 18 %، وتشكل هذه النسبة 8.0 % من إجمالي الائتمان الموجه لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأردن.
اذا أردنا لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة النمو والازدهار والمساهمة في التخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة فلا بد من التعامل معه بنفس روح الريادة والابداع المقدم من أصحاب تلك المشاريع.
جهات مختلفة معنية بدعم الابداع ومنها على سبيل المثال المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية وبرنامج ارادة وبرنامج انهض وصندوق التنمية والتشغيل ووزارة التخطيط وبرنامج انجاز ومركز تطوير الأعمال وشركات من القطاع الخاص التي لديها حاضنات أعمال، علاوة على صندوق دعم الريادية ورأسماله 100 مليون دينار. كلها تقدم أشكالا مختلفة من الدعم للرياديين الشباب، والمطلوب المزيد من الحملات الترويجية وفتح فروع لهذه الجهات في مختلف مناطق المملكة لتمكين الشباب من الوصول الى هذه البرامج والاستفادة منها بشفافية وعدالة.