قراصنة وولاءات بالمزاد العلني


أساء الكثيرون إدراكَ الكيفيةِ الحقيقيةِ لحب الوطن ، فجعلوها شعارات رنانة وهتافات جوفاء ، لا تمت إلى الوطنية بصلة ، إذ سَرَعان ما يتنكر هؤلاء لأمتهم ، ويبادرون إلى بيع ولاءاتهم لمن يدفع أكثر .
ولنأخذْ التشكيلةَ الحكومية الحالية مثالاً حيًا ، فهي من أشد قضايا الساعة سخونة وهيجانا ونتأمل : كيف تمكن هؤلاء من بيع ذممهم ، وولاءاتهم ؟ المعروضة للبيع أصلاً لأعلى صاحب مزادٍ ، رغم أن بعضا من هؤلاء الباعة ، منتمين إلى " أحزاب قوميَّة " هَرِمَة ممن تجتر خطابات آفلة ممجوجة ، لم يعد لها أية فاعلية تذكر سوى بعدها التاريخي الرمزي الأسطوري الخاوي القديم .
لقد أظهرت التشكيلة الوزارية ، حقيقة هؤلاء من أنهم انخرطوا في مركب اختلالي يحدوهم جوع المناصب ، والانتصار للفئوية ، والمحسوبية والشخصية .
ذلك أن العلائق الدنيوية والمصالح المادية ، لا يمكن أن تصنع ولاء صادقا ، بل سرعان ما تذوب تلك الولاءات عند أول تيار ساخن يعصف بها ، كما أن تلك الوطنيات المزعومة سرعان ما تسقط عند الدفعة الأولى . إنها ولاءات ساذجة في مخزونها الفكري والعاطفي .
لقد حاولت الحكومة اللعب قاعدة فرق تسد مع بعض القوى والتيارات السياسة ، لتبقيها أشتاتا ضعيفة ومتناقضة ، وتُبْقِى القوةَ والسيطرة بيدها وحدها ، فظفرت بالبعض ، ظنا منها أنهم أرقام مؤثرة ، فإذا بهذه الأرقام لا قيمة ولا وزن لها يذكر على مساحة الوطن .
وهي سياسة أشبه ما تكون بسياسة " هز الشوال " وهي كمن يملأ شوالا بالفئران ، ثم لا يتوقف عن هز الشوال ، حتى لا يترك للفئران فرصة لقرض الشوال والخروج منه .
وهو ما فتح شهية أحد السدنة المعربدين ، من أصحاب الأبواق الناعقة ، من المطبلين والمزمرين و المداهنين ، المتعهدين بنشر الغسيل القذر ، ليتقيأ علينا كثيرا من الافكار بطريقة غوغائية ، أصابت الناس بالغثيان ، عبر إحدى الفضائحيات المستضيفة له والذي ما مَلَّ يومًا من رفع عقيرته ، لتسويق بضاعته الفاسدة المتعفنة ، متبجحا في معرض كلامه عن بعض الساقطين من القوميين ، الذين قبلوا جوائز الترضية من الحكومة ، ممن تاجروا كثيرا بقضايا الحرية ، والديمقراطية والقومية وآلام الشعب ،ممن قدموا صحة اللصوص على صحة الوطن ، ممن يدَّعون زورًا وبهتانا أنهم من رموز المعارضة .
ولكن سرعان ما اكتشف الشعب هذه اللعبة الغبية ، فكانت لطمة كبيرة في وجه الحكومة لم تصمد معها محاولات الترقيع ،التي تضمنت مرحلة الإعداد لانطلاق الحكومة .
مما يُبْقِي هذه الحكومة ضعيفة وهزيلة وهشة ، لأنها لا تمثل إرادة الشعب وليس لها من مقومات البقاء ، سوى ما تلاقيه من دعم وإسناد خارجٍ عن إرادة الشعب ، والتي لن يُكْتَبَ لها عمرا طويلا ، بسبب رفض أبناء الأردن لها لأنها لا تمثلهم .
ولهذا ستكون هذه الحكومة كسابقاتها ، من حيثُ الارتماءِ بحضن المتنفذين من أصحاب القرار ، فلَعْقُ الوعود والنكوص والتنصل ، ديدن هذه الحكومات التي تبقيها حكومات ورقيَّة لا تقوى على إدارة الدولة ، وستبقى حكومة فاقدة للثقة الشعبية وهذا هو واقع الحال .
فقد أوهم رئيس الحكومة العتيدة - عون الخصاونة - الشعب بأن تغييرا ما سيحصل ، وأنه سيغيِّر معالم هذه العملية برمتها ، ويعيد ترتيب أوراقها ، ولكن المراقبين كشفوا ضحالة هذا التصور بالرجوع إلى التشكيلة الوزارية سيئة الذكر .وصدق الله العظيم إذ يقول : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند اهفع ان تقولوا مالا تفعلون ) الصف:2