تقرير ديوان المحاسبة



لخبار البلد - الانطباع الراسخ بذهن المواطن والإعلامي هو أن الجهات المعنية بمتابعة تقارير ديوان المحاسبة تضع هذه التقارير على الرف، بالرغم من التصريحات التي تصدر عن تلك الجهات غداة تسلمها التقرير من رئيس ديوان المحاسبة. فمثلاً، أكد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة التزام الحكومة، وبكل جدية، بالعمل على تصويب أي مخالفات وأوجه خلل تضمنها التقرير وبشكل يحافظ على سلامة المال العام ومنع أي تجاوزات عليه. كما أكد رئيس مجلس النواب المحامي عبدالمنعم العودات دعمه المطلق لاستقلالية ديوان المحاسبة ولدوره الرقابي للحفاظ على المال العام ومكافحة كل أشكال الفساد المالي والإداري، مشيراً إلى أن التقرير يشكل المرجعية والقوة التي يستند عليها الديوان لممارسة دوره الرقابي على أفضل وجه. كما تم التصريح من الجهتين أعلاه عن تشكيل لجان لمتابعة ملاحظات ومخالفات تقرير ديوان المحاسبة لغرض تصويبها. فهل معنى ذلك أن انطباع العامة والإعلام غير دقيق؟
ديوان المحاسبة هو إحدى المؤسسات الرقابية العامة العريقة والقليلة في الأردن المنشأ بموجب أحكام الدستور العام 1952. ويقوم الديوان بجهد كبير ويظهر جزء منه في تقريره السنوي الذي يضم أربعة فصول؛ الأول رقابي على الحكومة ومؤسساتها، والثاني رقابي على الشركات التي تسهم فيها الحكومة بنسبة 50 % وأكثر، والثالث لتقييم الأداء وهو من أهم الفصول، والفصل الأخير لتدقيق وتحليل الحسابات الختامية للحكومة، ويرصد فيه الديوان انحرافات ومخالفات بمئات الملايين من الدنانير. كما ويحرص الديوان على تقديم توصيات لمعالجة وتصويب تلك المخالفات والملاحظات وفقا للتشريعات السارية المفعول. كل ذلك يساعد على تعزيز الحكم الرشيد في إدارة ممتلكات الدولة، وخاصة في ظل الأوضاع المالية الصعبة التي تعيشها المملكة.
لا شك أن هذا التقرير يضع أمام البرلمان؛ الجهة العليا للرقابة والتشريع في المملكة، مادة دسمة ومفصلة لمكامن التجاوزات المكتشفة من جهاز رسمي عريق بحجم ديوان المحاسبة. بعد تسليم التقرير للحكومة، وللبرلمان، بغرفتيه النواب والأعيان، تصبح الكرة بملعبهما لتأدية المهمة وتصحيح المسار ومحاسبة كل من تجرأ على المساس بالمال العام. فقد أكد قائد البلاد الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش الأخير، حرفياً: "ضرورة محاربة الفساد بأشكاله كافة، فالمال العام مصان، والتعدي عليه جريمة بحق الوطن وأهله، ولا بد من محاسبة كل من يعتدي عليه، أيا كان”.
تقرير 2019 أشار الى قيام الديوان بأكثر من 192 ألف عملية تدقيق مسبقة (13.4 % من إجمالي الجهد المبذول من الديوان) وأكثر من 8 آلاف عملية تدقيق لاحق (40 % من الجهد المبذول من الديوان) وأكثر من 4330 عملية فحص مفاجئة، علاوة على عمليات التدقيق التي تقوم بها اللجان المختلفة ولجان المتابعة. كل هذا الجهد يجب أن يُستغل بطريقة صحيحة من قبل البرلمان. وتجدر الإشارة الى أن ديوان المحاسبة يسير بخطوات متسارعة نحو التحول الرقمي في أعماله ونشاطاته كافة ليواكب التحولات الرقمية على المستويين المحلي والعالمي.
شفافية الحكومة والبرلمان في التعامل مع تقارير ديوان المحاسبة تقتضي إصدار تقرير دوري مشترك من قبل الحكومة والبرلمان يبين مدى متابعة الجهتين للملاحظات والمخالفات التي يرصدها ديوان المحاسبة وآليات تصويبها. ومن المجدي أيضاً أن تبادر الحكومة بمنح جوائز تشجيعية للوزارات والجهات الحكومية والشركات التي لا يسجل عليها ديوان المحاسبة مخالفات لثلاث وخمس سنوات متتالية بهدف المحافظة على المال العام.