تحديات الموازنة وفرص التعافي ااقتصادي


اخبار البلد - لا شك بأن التعافي من تبعات جائحة كورونا لن يكون سريعاً وسيأخذ وقته، حتى بالنسبة لاقتصاديات الدول الصناعية المتقدمة. بالنسبة للاقتصاد الأردني فإن العودة للتعافي ممن الممكن أن تمر بمراحل ثلاث أساسية، أولاً: مرحلة وقف النزيف الاقتصادي، المتمثل بوقف نسب التراجع في معدلات النمو الاقتصادي (نسب النمو السالبة) وارتفاع نسب البطالة وانخفاض الصادرات. ثانياً: مرحلة التحفيز الاقتصادي من خلال عكس اتجاه الاداء الاقتصادي بتقديم حزم إقتصادية من إعفاءات وتسهيلات وحقن الاقتصاد بالمزيد من الانفاق للمساهمة بتحريك عجلات النمو الاقتصادي. ثالثاً: مرحلة العودة الى النمو الايجابي والتعافي من خلال زيادة نسب النمو في المؤشرات الاقتصادية المختلفة.
 
بنظرة واقعية نجد أن الوضع الاقتصادي ليس سهلاً وقد تكون الحلول الاقتصادية محدودة، نظراً لأن الاقتصاد الاردني كان يعاني أصلاً قبل جائحة كورونا (معدل النمو الاقتصادي في عام 2019 بلغ ما يقارب1.9 %). هذه الظروف تستوجب على الحكومة أن يكون عنوان هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة هو المساهمة بزيادة الانفاق الكلي (عن طريق زيادة الانفاق الحكومي الرأسمالي، تحفيز إنفاق المستهلكين، تحفيز الانفاق الاستثماري للقطاع الخاص) أي أن نتبع سياسية مالية توسعية. وقد أظهرت أرقام الموازنة العامة لعام 2021 (بناء على فرضيات الحكومة) هذا التوجه من خلال زيادة نسب الانفاق الرأسمالي، فقد بلغت النفقات الرأسمالية ملياراً و181 مليون دينار بنسبة نمو بلغت نحو 24.5% مقارنة مع عام 2020.
 
هذا الواقع يفرض على الحكومة اتباع سياسية تحفيزية للاقتصاد الأردني من خلال عدة أدوات أهمها:
 
• تخفيف العبء الضريبي على الأفراد والقطاعات الأكثر تضرراً من جائحة كورونا من خلال تخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة كالضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، بهدف زيادة قدرات الطلب في السوق من خلال زيادة الإنفاق الكلي في الاقتصاد. صحيح سيعمل ذلك على خفض الإيرادات الضريبية المتوقعة في الأجل القصير لكن على المدى المتوسط والطويل سيتم تعويض ذلك من خلال تنامي الانتاج وبالتالي رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الايرادات.
 
• دعم وتحفيز القطاعات الاقتصادية التي ساهمت بشكل فاعل وشهدت نمواً خلال جائحة كورنا، مثل القطاع الزراعي، المنشآت الصغيرة والمتوسطة، قطاع التجارة الالكترونية، قطاع الصناعات الغذائية وقطاع الصناعة الطبية والأدوية. وذلك إما بتخفيف الأعباء الضريبية أو تقديم قروض ميسرة بفوائد مخفضة على فترات سداد طويلة نسبياً. بالاضافة لدعم القطاعات التي شهدت تراجعاً كبيرا أثناء الجائحة (مثل قطاع السياحة، المطاعم والفنادق). إن تخفيض العبء الضريبي (على وجه الخصوص الضرائب غير المباشرة) سيؤدي الى تخفيض تكاليف مدخلات الإنتاج لهذه القطاعات، وبالتالي تحقيق هامش ربح يساهم في تمكين المنشآت الاقتصادية والصناعية وتثبيت أرقام البطالة في الأمد القصير من خلال وقف تسريح العاملين في هذه القطاعات أو إنهاء خدماتهم.
 
• على الحكومة التنسيق مع البنك المركزي (تنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية) لإجراء تخفيضات ملموسة على معدلات الفوائد البنكية للتسهيلات الائتمانية للأفراد والمنشآت الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية التي تعاني من حالة تباطؤ، وذلك في سبيل زيادة الانفاق الكلي المتولد جراء هذا التخفيض.
 
• تكثيف القدرات والجهود التفاوضية مع الجهات المانحة أو المقرضة الدولية للحصول على منح وقروض بأسعار فائدة منخفض وفترات سداد طويلة، مستفيداً من السمعة المالية المميزة للاردن وتحسنها بآخر تصنيف ائتماني.
 
إجمالاً، إن هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة والاستثنائية تتطلب قرارات وإجراءات مبنية على أسس علمية يمكن تطبيقها عملياً، وعلى الجميع تكثيف الجهود في سبيل الخروج من هذه الازمة.