الملك عبدالله بوصلة العالم والسياسة

اخبار البلد- بــ "لاءات ثلاث" تشكلت أركان وأسس الموقف السياسي الأردني والعقيدة الهاشمية الراسخة نحو القدس والقضية الفلسطينية ككل، فالأردن لا ينظر إليه كدولة جوار أو طوق عربي فقط عند الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما ينظر إليه على اعتبارات الرقم الأصعب في معادلة السلام، وعند تداول أية حلول مقترحة للشأن الفلسطيني، فغطرسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وجنوح الكيان المحتل وتنامي عدوانيته، وفوضى التصريحات السياسية لم تكن أمام الموقف الأردني إلا زوبعة واستعراض سياسي، أمكن بقدرة جلالته تبديل قواعد اللعبة الأمريكية الإسرائيلية، وتقزيم حظوظ الفوز الإسرائيلي وتفويت فرصة تفتييت ما تبقى من ثوابت فلسطينية، فالثبات الهاشمي كان كفيلا بأن يعظم ويدعم الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي بأنه لاخيارات مقبولة للحل تأتي على حساب الأمن والاستقرار أو الجغرافية في الأردن، وكذلك لا توافق مع أية حلول لا تأخذ بالحسبان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحريته وفي سلام شامل وعادل، أو أي طريق لا يؤدي إلى حل الدولتين.


  وفي ذلك أمكن لجلالة الملك أن يطوع السياسة الأمريكية والعالمية المعلنة والتي ذهبت نحو إعادة تشكيل خارطة المنطقة ونفاذ صفقة القرن بقوة القوة، ولكنه تمسك بقوة الحق الفلسطيني وقوة الحق الملكي الهاشمي في الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، فخاطب ضمير العالم ووجدانه وسياساته المؤثرة، وأنطق مؤسسات القانون الدولية والمنظمات الحقوقية والأممية ليشكل قوة رد ودعم تعيد الأمور إلى نصابها، تسلط الضوء من جديد على القضية الفلسطينية وعلى واقع الصراع، الذي لايمكن أن يختزل في مشروعات أقتصادية، أو وطن بديل وتوطين، أو تعويضات مالية، فلا سلام يمكن للمنطقة العربية أن تعيش في كنفه دون ضمان حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا للمشيئة الفلسطينية، واستنادا إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

فلم يعد التضييق الأقتصادي وتقليص المنح والدعم الموجه للأردن عائق أمام رؤية ملكية مفادها لا للتوطين، ولا للوطن البديل، ولا تنازل عن شبر في القدس الشرقية، ويتبعها تصميم ذاهب لإحقاق دولة فلسطينية وفقا لحل الدولتين، من هنا كان على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن على تغيير خارطة السياسات والتراجع عن الهراء والهزل السياسي الأمريكي الممارس في المنطقة، وضمن حراكه الرئيسي أجرى اتصال هاتفي مع الملك عبدالله ليكون أول زعيم عربي يتواصل معه بغية ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة وباعتبار جلالة الملك الضامن والمحرك لعُرى ودعائم السلام وضمن رؤيته يتأتى الحل الأكثر عدالة ومنطقية.

فجلالة الملك القابض على موقفه تجاه القضية والشعب الفلسطيني، الصلب في الدفاع عن حقهم في تقرير المصير، الثابت الذي لا يلين أمام موجة التطبيع وحلقة البيع والتساوق مع اختزال القضية في الشعب الفلسطيني استحق بقوة لأن يكون ويبقى بوصلة للسياسة والسلام في العالم.