علي الحراسيس يكتب .. حين تستمر المماطلة ويغيب الإصلاح !


حين تستمر المماطلة ويغيب الإصلاح !
ما من مواطن عادي لم يمتهن السياسة و يتابع تطورات الشارع الاردني ويعيش اجواء البلاد منذ العام تقريبا إلا ويستطيع أن يضع حلولا للخروج من ازمة البلاد وإجراء الاصلاح المنشود لكثرة وتكرار ما سمع عن مطالبات الناس والحراك الشعبي ، فتحويل قضايا الفساد الى القضاء مباشرة دون ان تستضل في دائرة مكافحة الفساد وتحفظ او تعّدل اوتختفي حتى او تلقى ضغوطات وتدخلات من قبل المقربين لحماية الفاسدين امر لا يحتاج إلا الى قرار حقيقي لملاحقة الفاسدين ، اذ لا يعقل ان مكافحة الفساد لم تستكمل ولو قضية واحدة تحيلها الى المحاكم ! واما ما يتعلق بقانون الاحزاب فأنه جاهز بصيغنه النهائية التي اقرتها لجنة الحوار والقوى السياسية ، فلماذا لا يحال الى مجلس النواب حتى اللحظة ! واما قانون الانتخاب المطلوب فأنه لن يتعدى قانون ال 89 مع اضافة القائمة الوطنية ( النسبية ) ذات النقطة الخلافية التي وجدتها الحكومات فرصة المماطلة لاحالة القانون الى مجلس النواب ، كل هذا لا يحتاج الى وقت وتفكير ولجان حوار واستشارات ويمكن تعديل القانون خلال اقل من اسبوع لو ان هناك نية حقيقية لاجراء انتخابات برلمانية فاعله ترضي الجميع ، واما هيئة الاشراف العليا على الانتخابات التي اعدت مسودتها الحكومة السابقة فيمكن إجراء بعض التعديلات ضمن إطار مجلس النواب ومنحها الاستقلالية المطلوب دون تدخل السلطة التنفيذية وتغولها وأن يرأسها قاض او رجل سياسة يلقى اىحترام الناس وليس حاكما اداريا كما يشاع ، واما البلديات فلماذا لا تجرى الانتخابات على وقتها في 27/12 وننتهي من هذه الازمة وننتقل بعدها الى البلديات التي فصلت ويجري بكل هدوء اجراء مشاورات حول استمرار فصلها او دمجها ضمن رؤية متكامله تحفظ حقوق الناس ولا داع لإعادة القانون من جديد الى مجلس النواب الذي لم يسبق له ان ناقش القانون واقره اكثر من مره إلا لمزيد من المماطلة واللهو الذي يبدو ان حكومة الخصاونة الحالية تبدع به جيدا !
هناك مقولة تذاع هنا وهناك ان النظام لا يريد الإصلاح ، وان كل ما يجري ليس إلا كسبا للوقت لمرور عاصفة الربيع العربي والتطورات اللاحقة لما يجري في سوريا وضرب ايران ، او ما يتعلق منها بتطورات القضية الفلسطينية ومشروع الوطن البديل ، وان معادلة الإصلاح في الاردن ايسر من معادلتها في مصر او تونس او اليمن او سوريا ، فلماذا المماطلة في إقرار تلك الإصلاحات وإنقاذ البلاد من الأزمات التي تعيشها !
كلما طالت المماطلة ارتفع سقف المطالبين بالإصلاح ، بل وراح البعض يتناقل قصص وروايات عن عمق الفساد واستفحاله واستحالة إصلاحه في الاردن وخاصة ما يتعلق منها من إشاعات حول تحويلات بمليارات الدولارات للخارج وبيع اراضي الدولة وفتح فروع للبنك المركزي و لدائرة الاراضي في الديوان الملكي لتسهيل البيع واللعب والتطاول على المال العام دون رقابه او قانون او إطلاع أحد ، وكذلك ما يتعلق منها بإشاعات حول سيطرة بعض الامراء والمقربين من الملك والملكة على مؤسسات تجارية منافسة لشركات وطنية ادت الى افلاس او خسائر المؤسسات الوطنية منها بسبب ما يقدم لتلك المؤسسات من تسهيلات وإعفاءات وكوادر منتدبة من مؤسسات الدولة ، وهي إدعاءات ما كان لها ان تكون لو ان النظام بادر للاستجابة فورا لمطالب الناس المحصورة في البداية في الإصلاح ومكافحة الفساد ، فالفساد طال بسبب المماطلة رموز النظام دون استثناء ووصلت حد التهديد برفع شعارات ذات سقوف عالية ابرزها :
الشعب يريد إس إس .. نكملها ام تصلحون ...!
الإصلاح حتمية تاريخية لمن يعرف التاريخ ويقرأ الأحداث في ليبيا وتونس ومصر وغدا في سوريا ، فإستعداد الناس للتضحية والمواجهة بات اكثر بروزا من قبل ، والمماطلة شر يمارسه الاغبياء دون معرفة نتائجه الوخيمة على البلاد ، فكلما اتسعت دائرة المماطلة وتجاهل مطالب الناس كلما ارتفعت الاصوات وتضاعفت الاعداد وخرجت الى الشارع بشعارات قد تطال النظام الذي ضاق على ما يبدو ذرعا من بطيء عمل من تولوا الحكم ولم يعيدوا الثقة بين الحكم والناس حتى اللحظة ، فالاصوات المرتفعة التي تعلو بين الفينة والفينة والمتمثلة برفع سقوف عالية سواء من خلال الحراك او تلك المواقع كالفيس بوك وغيره مرده الى فشل الحكومات في تطويق الازمة وفتح المجال واسعا لتذمر الناس وزيادة سخطها ، وكذلك فأن اسوأ ما تنتجه سياسة المماطلة وتجاهل الاصلاح هو استمرار ضعف الدولة وعدم مقدرتها على ضبط شؤونها للحد االذي تهرب من موانئه سفينة شحن عملاقة او حتى الرضوخ لعصابة هنا او هناك يجري إرضائهم بعفو خاص رغم ما ارتكبوه بحق الوطن من جرائم ، او للحد الذي تلبى فيه مطالب خاصة لبعض رموز الحراك في بعض المحافظات في خدمات فردية ضيقة ترضي مواطن ويغضب منها الف مواطن !!
كذلك ، فإن استمرار المماطلة بعملية الاصلاح اتاحج المجال ومن خلال ما عرف بظاهرة البلطجة الى اتساع تلك الظاهرة وممارستها المعلنة بحق ابناء الشعب المطالبين بالاصلاح وهاهي تتطور الى ثقافة يمارس افرادها الاعتداء على الأفراد وعلى مؤسسات الدولة وخاصة ما جرى من تداعيات المطالبات بفصل البلديات او ماجرى مؤخرا من اعتداء على جريدة الغد لمجرد انها تنشر خبر حول السفينة المهربة ، وقد تتسع تلك الظاهرة الى الحد الذي سيتحرك الناس غدا لتخريب الوزارات او رئاسة الوزراء نفسها ان خرجت بقرارات تمس مصالحهم الضيقة او لمجرد ان يحال احد ابناءها للتقاعد او ينقل لوظيفة أخرى وقد تتعرض المؤسسات الامنية الى اعتداءات لمجرد ان تعتقل مطلوبا او تستدعي متهما !! وهي ظاهرة تتحمل الأجهزة الأمنية مسئولية ابتكارها ودعمها ، وهاهي تخرج عن سيطرتها وتوجه إجرامها لمؤسسات الدولة نفسها !