بايدن والشرق الأوسط: ترقب وتفاؤل حذر



اخبار البلد - لطالما كان التغيير في الرئاسات الأميركية عاملاً مهماً في رسم سياسات الشرق الأوسط لأن الولايات المتحدة الأميركية هي الفاعل الرئيس في المنطقة خاصة في مسألة التعاطي مع القضية الفلسطينية، وبدون تأثيرها وتدخلها لن ينجز أي حل نهائي.

بمقدار ما شكل نجاح بايدن في الانتخابات الرئاسية بارقة أمل محدودة خاصة للفلسطينيين والإيرانيين الطرفين الأكثر تضرراً من حقبة ترامب، إلا أن هذا لا يعني الإفراط في التفاؤل. فثمة قلق واضح في أن تكون حقبة بايدن هي امتداد لحقبة أوباما وأشبه برئاسة ثالثة لأوباما التي ارتبطت بموجة الربيع العربي وأسهمت بسقوط أنظمة عربية مركزية وبشيوع الفوضى في عدة دول.
بنفس الوقت هناك من يقول إن احتمالية أن تكون سياسة بايدن نسخة مماثله لسياسة أوباما غير واردة لأسباب أهمها، أن لدى بايدن تجربة سياسية تناهز الخمسين عاماً منها سنوات عديدة رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ويمتاز بقراءة سياسية واقعية على خلاف أوباما حديث العهد بالسياسة التي انخرط فيها العام 2009 وطغت المثالية السياسية على تفكيره وهو ما توضح في سيرته الذاتية التي صدرت حديثاً تحت عنوان «عقيدة أوباما».
ثمة بارقة أمل لدى الطرف الفلسطيني الذي يدرك أن السياسة الأميركية لم تغادر يوماً مربع الانحياز للطرف الإسرائيلي ويعرف أن بايدن من أقرب المقربين في حقبة أوباما للإسرائيليين، وحصلت وبدعم منه على أكبر مساعدات عسكرية. إلا أن إدارة ترامب كانت الأسوأ عبر تاريخ الصراع وبالتالي تعتبر مغادرتها مهما كانت المكاسب متواضعة أمرا مشجعا.
ليس متوقعاً أن تكون هناك تحولات متسارعة في سياسية بايدن، ويدرك الطرف الفلسطيني ذلك بالتأكيد. عودة مكاتب الاستعلام الفلسطينية لواشنطن واستئناف الدعم المادي ودعم وكالة الغوث والعمل على إعادة إحياء المفاوضات المباشرة مع التشدد مع الطرف الإسرائيلي في رفض الاستمرار في بناء المستوطنات أهم نقاط الاشتباك المتوقعة بين بايدن ونتنياهو. لكن بذات الوقت التراجع عن نقل السفارة الأميركية للقدس خارج تفكير بايدن تماماً بينما يمثل خيار فتح قنصلية في القدس الشرقية أمراً مطروحاً بقوة.
ضمن هذا السياق يمكن فهم التحرك الفلسطيني خلال الأيام الماضية وزيارة عمان والقاهرة في محاولة مبكرة للاشتباك الإيجابي مع الإدارة الجديدة ويظهر رغبة حقيقية في استغلال السنوات الأربع لبايدن لعل ذلك يؤدي لاختراق يكسر الجمود الذي فرضته إدارة ترامب.
سياسة بايدن نحو إيران ستبتعد عن سياسة ترامب بشكل كلي في الملف الإيراني وسيُعود الحديث عن العودة للاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم العام 2015 مع إيجاد حل لمسألة تخصيب اليورانيوم والتفاهم حول قدرات إيران الصاروخية وضبط التمدد الإقليمي لإيران بما لا يؤثر على مصالح الحليف الأساسي الإسرائيلي وبالدرجة الثانية المصالح الأميركية في الخليج.
فيما يتعلق بمقاربة بايدن للعلاقة مع تركيا يبدو أنها تختلف عن العلاقة التي ربطت ترامب مع أردوغان؛ إذ كثيراً ما أرسل بايدن إشارات توحي بعدم وجود كيمياء مع الرئيس التركي وغياب الود بينهما. والواضح أن الإدارة الجديدة ستقترب من الحليف الأوروبي في الملف التركي في رفض النشاط التركي في شرق المتوسط وربما اتخاذ إجراءات عقابية ووقف وتقليص الحضور التركي في الملف الليبي، وقد يمتد أيضاً لإعادة الموقف من الوجود التركي في شمال شرق الفرات الذي تم بالتوافق مع إدارة ترامب.
عامل القلق الذي يساور العديد من دول المنطقة مرتبط بالديمقراطية وحقوق الانسان. من المبكر الحكم على رؤية بايدن وفريقه في هذا الملف الذي كان مركزياً في حقبة أوباما، ولكن يبدو أن الأولويات لدى بايدن قد تكون مختلفة نسبياً مع أوباما وبالمطلق مع ترامب الذي ابتعد عن هذا الملف كلياً.