ذكريات في بيت جدّي
أخبار البلد-
«يا حسرتي على اللي علّته مرته ، وقاهرينه جيرانه»..
هكذا كان جدي يقول كلما جاءه من يشكو أحد من زوجته.
ولدنا وكبرنا ونحن نسمع الناس ينادونه «الباشا». ولم يخطر ببالي ـ وقد توفي وانا لم ازل صغيرا ـ ان اسأله عن سبب لقبه. ولا اظن انني كان يمكن ان أجرؤ على سؤاله خوفا من «فركة الاذن» التي كان يعاقبنا بها كلما اخطأنا وكانت مؤلمة لدرجة اننا كنا نحس ان احدى اذنينا طلعت بيده.
وبعد سؤال وتمحيص علمت ان جدي كان ذكيا و مجتهدا و»شاطر في الكُتّاب» ولهذا اطلقوا عليه لقب «الباشا» ، والله أعلم،.
كان جدي يسكن في بيت في «مخيم اربد» ولسوء حظنا ان بيتنا كان مقابلا لبيته. وهو ما يعني اننا كنا تحت «القصف» على مدار الساعة. فقد اعتاد ان يجلس كل مساء وكل صباح على كرسي من القش متأملا وللدقة منشغلا بالتعليق على «نسوان الحارة» ومتدخلا في كل صغيرة وكبيرة ، مستعينا بسيجارة «الهيشي» او ما يُعرف «الدخان العربي» قبل اختراع علب السجائر المعروفة حاليا.
احيانا كان سيدي الباشا يطلبني للنوم في بيته لأمر ما. وكنت التزم بطقوسه العجيبة. النوم مبكرا والصحو مبكرا جدا. شرب كاسة زيت زيتون على الريق الخ الخ.
كان جدي يمتلك عدة ازواج من الحمام البلدي. وكان يراقبها من غرفته المرتفعة ذات المصطبة العالية ، وكان يحتفظ بعصا مربوطة بحبل غليظ تسمى «فلقة» وما أدراك ما لفلقة. ما بعرفها الا اللي بذوق لسعة منها.
كنت طفلا تحت الضغط. افعل ما يأمرنه به جدي خشية العقاب. اعمل هيك يا ولد ، تؤمر يا سيدي. ما تعملش هيك يا ابن ابراهيم ـ لم يقل لي مرة «طلعت» بل يناديني بتبعيتي لابي.
كان اجمل ما في «العذاب» ، صوت الحمام وبخاصة في الصباح الباكر. هديل ناعم وصوت يشبه الغناء وهوما اسماه الشاعر ابراهيم طوقان «سجعهنّ». اي غناء الحمام.
انا احب الهديل واحب الحمام واحب ذكريات سيدي «الباشا» رغم كل شيء .. كل شيء.
هكذا كان جدي يقول كلما جاءه من يشكو أحد من زوجته.
ولدنا وكبرنا ونحن نسمع الناس ينادونه «الباشا». ولم يخطر ببالي ـ وقد توفي وانا لم ازل صغيرا ـ ان اسأله عن سبب لقبه. ولا اظن انني كان يمكن ان أجرؤ على سؤاله خوفا من «فركة الاذن» التي كان يعاقبنا بها كلما اخطأنا وكانت مؤلمة لدرجة اننا كنا نحس ان احدى اذنينا طلعت بيده.
وبعد سؤال وتمحيص علمت ان جدي كان ذكيا و مجتهدا و»شاطر في الكُتّاب» ولهذا اطلقوا عليه لقب «الباشا» ، والله أعلم،.
كان جدي يسكن في بيت في «مخيم اربد» ولسوء حظنا ان بيتنا كان مقابلا لبيته. وهو ما يعني اننا كنا تحت «القصف» على مدار الساعة. فقد اعتاد ان يجلس كل مساء وكل صباح على كرسي من القش متأملا وللدقة منشغلا بالتعليق على «نسوان الحارة» ومتدخلا في كل صغيرة وكبيرة ، مستعينا بسيجارة «الهيشي» او ما يُعرف «الدخان العربي» قبل اختراع علب السجائر المعروفة حاليا.
احيانا كان سيدي الباشا يطلبني للنوم في بيته لأمر ما. وكنت التزم بطقوسه العجيبة. النوم مبكرا والصحو مبكرا جدا. شرب كاسة زيت زيتون على الريق الخ الخ.
كان جدي يمتلك عدة ازواج من الحمام البلدي. وكان يراقبها من غرفته المرتفعة ذات المصطبة العالية ، وكان يحتفظ بعصا مربوطة بحبل غليظ تسمى «فلقة» وما أدراك ما لفلقة. ما بعرفها الا اللي بذوق لسعة منها.
كنت طفلا تحت الضغط. افعل ما يأمرنه به جدي خشية العقاب. اعمل هيك يا ولد ، تؤمر يا سيدي. ما تعملش هيك يا ابن ابراهيم ـ لم يقل لي مرة «طلعت» بل يناديني بتبعيتي لابي.
كان اجمل ما في «العذاب» ، صوت الحمام وبخاصة في الصباح الباكر. هديل ناعم وصوت يشبه الغناء وهوما اسماه الشاعر ابراهيم طوقان «سجعهنّ». اي غناء الحمام.
انا احب الهديل واحب الحمام واحب ذكريات سيدي «الباشا» رغم كل شيء .. كل شيء.