شرعية مجلس النواب



اخبار البلد - يدخل البرلمان الأردني التاسع عشر الجديد بعد أيام إلى المسرح السياسي والاقتصادي الأردني وسط ظروف استثنائية رافقته منذ انتخابه في العاشر من تشرين الثاني 2020، فجائحة كورونا والإحباط الشعبي من البرلمان الـسابق، والانطباعات حول العملية الانتخابية والحديث عن وجود المال الفاسد، والظروف الاقتصادية القاسية المرتبطة بالمديونية الضخمة، إضافة إلى الارتدادات السياسية الناجمة عن صفقة القرن والمشاريع الإقليمية أسهمت بوضع شرعية المجلس القادم على المحك بعدما بلغت نسبة المشاركة نحو 30 %.
البرلمان الأردني القادم أمام اختبار حقيقي في مواجهة إرث البرلمان الثامن عشر، ومخالفات العملية الانتخابية ومخالفات أوامر الدفاع جراء ما حصل إبان إعلان النتائج بالفوز أو احتجاجات المرشحين وأنصارهم ممن لم يحالفهم الحظ، ما يضع النواب الجدد أمام تحدي خسارة الرهان – لا سمح الله- أو التأسيس لمرحلة جديدة عنوانها بوابة العمل البرلماني والقيام بواجبات التشريع والرقابة البرلمانية والتواصل مع المواطنين والدفاع عن قضاياهم والانسجام مع تطلعاتهم وأولوياتهم واحتياجاتهم والخروج من مسألة تدني نسبة الشرعية جراء تدني نسبة الاقتراع.
اليوم نتحدث عن برلمان يضم 98 برلمانيا وبرلمانية جددا وهم معنيون -ليس على سبيل الحصر- خوض معركة الدفاع عن شرعية وجوده التي تسببت بها نسبة المشاركة المتدنية وتغيير كافة الانطباعات الأولية و»الإشاعات» التي مست وجوده منذ اليوم الأول والتي كان مفادها؛ أن هذا البرلمان ليس له دراية في الشأن السياسي والشؤون الخارجية، والمشاكل الاقتصادية التي تعصف بها الدولة.
كما هو مطلوب من البرلمانيين والبرلمانيات على حد سواء عدم السقوط في فخ الاستسلام للانطباعات السلبية والإشاعات، حتى لا يتم وصم البرلمان بالهش والضعيف، كما يتوجب عليهم الدفاع عن شرعيتهم ومؤسستهم حتى لا يجدوا أنفسهم أمام مطالبات شعبية مبكرة برحيله كما حدث مع برلمانات سابقة وبالتالي إفقاد الثقة الشعبية بالمؤسسة التشريعية.
نستذكر جميعاً الأداء التشريعي والرقابي الذي لم يكن ضمن المستوى المأمول لا تشريعياً ولا رقابياً للبرلمان السابق، ويظهر ذلك جلياً من خلال تقييم»راصد» لأداء البرلمان السابق طيلة 4 سنوات، والذي أظهر أن البرلمان الثامن عشر لم يقدم أداءً رقابياً حقيقياً سيما إذا ما تحدثنا عن 2493 سؤالاً تم تقديمهم نوقش منهم 274 سؤالاً أي ما نسبته 11 % من الأسئلة التي تم تقديمها، وعلى صعيد متصل فقد قدم المجلس 109 استجوابات طيلة 4 سنوات نوقش منها استجواب يتيم.
وفي ذات السياق فإننا أمام برلمان لا يمتلك في جنباته أكثر من 9 % أعضاءً حزبيين أي أنهم لا يستطيعون تشكيل كتلة برلمانية سياسية وليست كتلة حزب واحد، بالتالي يقع على عاتقهم مسؤوليةً أكبر في تقديم عملاً برلمانياً سياسياً لإثبات قدرة الأحزاب على العمل الفاعل داخل البرلمان، وبذات السياق فإننا نشهد تراجعاً في نسبة تمثيل المرأة وهذا يرتب مسؤوليات أكبر على البرلمانيات لتعويض انخفاض نسبتهنّ والعمل بشكل جماعي.
إن الحكم المبكر على البرلمان وتوجيه الاتهامات ومثال ذلك أنه لا يمتلك أجندة أو تجربة سياسية وغيرها من الأوصام في هذه الفترة غير مهني ولا بد من الانتظار ومنحه الوقت لممارسة الدور البرلماني وعلى أقل تقدير يجب منحه 100 يوم لنستطيع بعد ذلك الحكم على نوعية الأداء البرلماني، ولا ينكر أحد أن الأردنيين ينتظرون من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، العبور بالدولة الأردنية إلى المئوية الثانية بضمانات تطبيق سيادة القانون وترسيخ الديمقراطية وتعزيز العدالة وتطبيق التنمية المحلية الشاملة رغم كل المعيقات والتحديات التي تعصف بدولتنا الأردنية.