الانتخابات النيايبة .. ملاحظات وهواجس

اخبار البلد ـ انتهى ماراثون الانتخابات النيابية ووصلت العربة محملة بركابها للمحطة الأخيرة في العبدلي، للبدء بالعمل ضمن وعود كفيلة بالقضاء على اليأس والخوف والبطالة، فمجلس النواب ممثلاً بأعضائه أمام تحديات محلية وإقليمية وعالمية، وربما تجاربنا السابقة، تنذرنا بسقف محدد للتوقعات، ونحن نشكك بصدق التصريحات التي أوهمتنا بإمتلاك حلول السحر في سراب منغمس بالأنانية وحب الذات، وحصر الجهود والتسهيلات بشكلها الشخصي، ولكنني بالمقابل أتطلع لدور هذه المؤسسة الدستورية؛ الرقابية والتشريعية، بسلطات كبيرة وحساسة بجميع مفاصل بناء الدولة الأردنية، فالتحفظات الذاتية على ملف أو أكثر من الملفات المتعلقة بمجلس النواب، لن تجفف شعور الإنتماء الوطني، وعليه، فهناك ملاحظات وهواجس على الاستحقاق الدستوري، ومقاصة ما افرزته صناديق الاقتراع وهي بينات تمهد للتعامل مع الواقع المنتظر، وأقرنه بنصيحة مخلصة للنواب الجدد بالتحديد بضرورة مراجعة؛ بنود الدستور الأردني، التشريعات النافذة، الصلاحيات الرقابية والتشريعية، سقف حدود العمل بما يكفل المصلحة الوطنية العليا، أساليب الخطابة التي تقنع الناخب والمواطن، فهناك شعور تحليلي وشخصي، بأن البعض يعتقد بالنيابة مجرد وجاهة لترأس الجاهات، مقرونة بنمرة سيارة مميزة، وصلاحيات عن عامة الشعب فوق القانون.

أولاً: هناك استخدام للمال السياسي أو المال الأسود أوصل بعض السادة النواب لقبة البرلمان، ضمن سيرة ذاتية وتشريعية وسياسية متواضعة، لكنها المرآة التي تعكس داخل القلوب والأشخاص لدوافع التصرف والقفز بقارب النجاح بأي ثمن ونتيجة، فهاجس عدم الانسجام وتناقض التوجهات حقيقة لن تعالج بالفزعة أو الترميم أو التبرير.

ثانياً: انحسار وتراجع الدور النسائي بالمنافسة في المجتمع الذكوري، وظهر ذلك جليا بفشل أي من المترشحات بالحصول على مقعد تنافسي ضمن القوائم بالدوائر المختلفة، حيث وصل للمجلس عدد محدد بحكم القانون بنظام الكوتا، واقع مؤسف يحتاج لمراجعة وتحليل.

ثالثاً: انخفاض نسبة المشاركة بالاقتراع، وربما نجتهد بالقول إن أصبنا، بتعدد الأسباب؛ فالوضع الوبائي المهدد، الممزوج بالثقة الهشة بدور أعضاء مجلس النواب وعدم القناعة بشخوص البعض، وأداء المجلس السابق الركيك، إضاقة لانخفاض مستوى الثقة بين المؤسسات والمواطنين، وتعدد التسميات الحزبية بشعارات قديمة مكررة، كان سببا بتردد الذهاب لصناديق الاقتراع.

رابعاً: استطاع التمثيل العشائري فرض نفسه على المشهد السياسي، فالنتائج تشير بوضوح للقاعدة العشائرية بمعظم الدوائر الانتخابية، ولها القول والفصل، وهذا منطق بالتمثيل الأقرب للواقع لمجتمعنا.

خامساً: النجاح الذي حققه أفراد المؤسسة العسكرية المتقاعدين بمختلف رتبهم وتشكيلاتهم، يحتاج لوقفة تحية واحترام، فالجندية مدرسة للضبط والربط والتخطيط والبدائل، وأجزم أن مساهمتهم ستكون فعالة جدا وتساهم بحلول وتسهيلات لقضايانا بصورتها الوطنية النقية والشفافة.

سادساً: اخفاق عدد كبير من الشخصيات العامة بالوصول لمركب الناجحين، وهذا المؤشر يمكن اعتباره رسالة تحذيرية لمن يستوعب بأن الشعب أدرك الشعارات، وهؤلاء استنفذوا فرص الإبداع والمساهمة، فكان عليهم الانسحاب من الحياة العامة بطريقة مشرفة، وهي الرسالة التي تمتد بتفسيرها وصلاحيتها لمناسبات المستقبل.

سابعاً: تزاحم الأسماء بالثوب الحزبي، حيث ذهلنا بعدد الأحزاب على الساحة السياسية الأردنية، وغالبيتها لم نعلم عنها شيئاً، فكثرة الأحزاب هو دلالة واضحة على ضيق الأفق السياسي، ويقيني بعدد أعضاء معظمها لا يتجاوز الحد الأدنى لترخيص الحزب، وربما هي تكريم لشخص بتسميته ضمن أخلاقيات معينة.

ثامناً: ترشح البعض تحت فقرة "الحرية"، دستورية يمكن ممارستها، دون الإدراك الحقيقي لمتطلبات الممارسة، من حيث الضوابط والالتزامات، المعرفة والواجبات، والاستحقاقات التالية، فهناك لجان سيادية متعددة في المجلس، ينحصر أداءها ضمن القوانين والتعليمات، تحتاج لخلفية وخبرة عملية وإبداعية، وهذه الأمور من شأنها فرض ضبابية على الأداء.

أدرك جيداً بأنني لن أستطيع تسطير الملاحظات جميعها، ولكنها مشاهدات شخصية وتحليلات لا تتعدى حدود الكلمات أو معانيها، وللحديث بقية.