خواطر عن الخريف...الجزء الأول

اخبار البلد-

بقلم فراس الور

احسست به و ببرده في ذات سنة، فحل في معاده كمشتاق للطبيعة الذي هجرها منذ تسعة شهور طويلة، فالطيور فجأة سافرت اسرابا الى الأفق البعيدة و ودعت اعشاشها التي طالما عشقتها في ظل اشجار الغابات بين اوراق خضراء كانت موجودة بالأمس، اغصان خفيفة تتراقص طربا للنسمات المنعشة خَلَتْ من تغارديها الحنونة...فتلونت بعض اوارقها لفترة من الوقت احمر و برتقالي مبتهجة بقدوم الغيوم الرطبة و النسائم المحملة بالأمطار...و كأنها احمرت خجلا من لمسات الخريف الحنونة و غزل امطاره بها لتزهو الطبيعة بالوان جميلة تحاكي قصة حبهما الأزلية...و بعض الأشجار و اغصانها تعرت من اوراقها لتحملها الرياح بألوانها الزاهية و تزين بها شوارع الأحياء و المدن معلنتاً سلطان عشيق الطبيعة الرقيق...فتعرت الأشجار حبا بمن ابتعد عنها تسعة اشهر و عاد مشتاق ليلمسها بحبه و نسائمه الرطبة...تعرت عشقا بغزل رياحه على اغصانها و لقبلاته الماطرة عليها و على الطبيعة من حولها...تعرت طربا بنداه القاطر من السحب المسافرة في جلد الرحمن...غيث راوي بعد محل الصيف القاصي...تعرت انتعاشاً لأنه يسقيها من فيض خيرات السماء من فوق لتبتل التربة من حولها و تتساقط المزيد من الأوارق لتغدو اجمل بعيني الخريف المشتاقة...كلما تعرت الطبيعة من اغصانها اسقاها المزيد من مياهه المحيِيًة ليـبـسط سلطانه اكثر فأكثر على الكائنات من حوله...ما اجمل قصة العشق هذه...و كأنها عروس تتعرى في خدرها فرحا بقدوم رجلها الذي غاب عنها طويلا و عاد ليروي ظمأها للغزل و الحب،

كلما نظرت الى الطبيعة و هي تتجمل لعروسها الخريفي ازداد غرام بهذا الفصل المميز، فهو الوحيد الذي يحاكي الربيع بألوانه زاهية...ينتزع كسوة الأشجار و النباتات بريحه الباردة ليروي الطبيعة ثم يهيئها للشتاء...و لتنسج الأشجار بالربائع القادمة كسوة جديدة ملونة لها...و لكن تأخر الحريف كثيرا في هذا العام...لم ترسم الطبيعة هذه اللوحة في هذا العام كالمعتاد...مازلت اسمع تغاريد العصافير بأغصان الأشجار من حولي...و كان بوصلتها مرتبكة بسبب تأخر البرد و امطار الخريف...فلم يخبرها الخريف بأنه حان وقت الرحيل الى موطن آخر...الأرض عطشة لقطرات اللغيث و البرد لم يأتي بأوانه...استغرب من هذا الأمر...يا ترى هل يطول غياب مارد الطبيعة هذا؟ الن يُلون اوراق الأشجار بريشته الحنونة بالأحمر و البرتقالي كعادته؟ يتبع...