الانتخابات ما بين الليل والنهار

اخبار البلد ـ أصابنا ذهول مما حدث من أفعال بعيدة كل البعد عن مسيرتنا وخطوط تقدمنا إلى الأمام بعد خروج نتائج الانتخابات البرلمانية, سارت الأمور بكل سلاسة وحرفية، التزم الجميع بكل ما طلب منهم لنظهر أمام الأخرين بشكل يناسب دولتنا وتحضرنا ورقي مواطنا, أجريت الانتخابات في ظروف قاهرة لا يقدم على ما فعلناه إلا من يمتلك قيمنا وإرثنا العميق في إدارة المراحل الخطرة والمصاعب, وباء كورونا وزيادة عدد الإصابات لم يمنعنا من سيرنا للأمام وعدم النظر فقط تحت أقدامنا بل نظرنا لغد مشرق لنا مما نحن به, شكر الجميع داخليا وخارجيا النجاح الكبير لإدارة الانتخابات، وكنا دولة وحكومة ومواطنين على قدر المسؤولية والحمل, وبصوت واحد قلنا للهيئة المستقلة للانتخاب.. شكراً لأن اعتباراتكم كانت وطنية مهنية.
 
سار يوم الانتخابات منذ الصباح حسب المخطط له، ووفق الأجراءات الصحية التي رسمت للمحافظة على سلامة الجـميع, وشاهدت ذلك بنفسي عندما مارست حقي في الانتخاب، وذُهلت من هذه السلاسة والبساطة والترتيب المميز، ولم ينتابني أي شعور بالخوف أو القلق من تداعيات الوباء، كان رجال الأمن العام على قدر الحمل والعمل المطلوب ببشاشة وجوههم واللسان المهذب في الحديث والتوجيه, ولا نخفي دور الشباب المتطوع لإنجاح هذا اليوم وقد فرضوا دورهم في إعطاء صورة مشرقة للشباب الواعي المنتمي القادر على مساندة أي جهد وطني, ولا يخفي على أحد دور كوادر «الهيئة» والتعب منذ أشهر في سبيل الوصول الى مسـتوى متقدم من الرضى العام لدورها في تنفيذ مراحل العملية الانتخابية بكل يسر، وقد استمر عمل اللجان لساعات الفجر الأولى يوم الاقتراع.
 
صفحة بيضاء مرسومة بخطوط الأمل والتفاؤل بحق هذا الوطن, رسمت بيد مخلصين من أبناء الوطن لنجعل هذا الوطن قدوة ومحل تقدير من الأخرين, هذه الصفحة مع حلول ساعات الليل شابها سواد أتعبنا ونحن نشاهد ما ظهر من فيديوهات تضربنا بقوة وتصيبنا بصدمة, من قلب صفحتنا وغير لونها؟ من حرك السواد ليرش به يومنا المميز والبهي؟ يومنا الذي تغنينا به منذ الصباح ووصلنا إلى مرحلة الخروج من الخوف بزيادة حالات الوباء بسبب سيطرتنا على اجراءات السلامة العامة وحرص «الهيئة» على عدم لمس أي شيء خوفا من العدوى.
 
السلاح الذي أستعمل بهذه الكثافة وكأنه لعبة فيديو يخرج هذا الوطن من مسيرته المتعارف عليها أمام الشعوب الأخرى, صغار السن مع نساء مع كبار السن يطلقون الرصاص المميث بطريقة أقرب للجنون، وبمسافات قريبة.. مشاهد مفزعة أدمت القلوب، ما بين النهار والليل مثل ما بين القرون الوسطى والقرن الواحد والعشرين، استياء لم يسبق له مثيل وعبر جلالة الملك بكل وضوح عن استيائه وغضبه مما حدث، وقد وجه بأن يصبح ليلنا كنهارنا لا منغصات أو خوف يصيب أي مواطن أردني على نفسه وأسرته.